دحمان*: اتفاق 1 يناير بين النقابات التعليمية والحكومة جاء لربح الوقت وأقصى عدة فئات متضررة   حاوره: عبد الصمد إيشن

 

1ــ بعد 30 جولة حوار بين النقابات التعليمية والحكومة، وقع الطرفان اتفاقا يوم 14 يناير 2023، ما تعليقكم على هذا الاتفاق؟

في البداية، شكرا على دعوتكم الكريمة، إنضاج موقف من أي حدث أو اتفاق يقتضي مسؤولية كبيرة، وفي إطار مسؤوليتها النقابية لم تبادر الجامعة الوطنية لموظفي التعليم إلى استصدار مواقف وأراء مستعجلة أو متهافتة بل، تابعنا مسار التفاعلات كما جلسات الحوار القطاعي.

أولا: الاتفاق الموقع بين الحكومة والنقابات، لا يستجيب لمفهوم التراكم والانسجام مع الاتفاق المرحلي،  التي تقتضي أن ينتظم داخلها الحوار القطاعي، فالعودة إلى سؤال المبادئ المؤطرة يعني أن 33 لقاء استهلكت في المبادئ التي لا يختلف حولها أحد، وهذا هدر للزمن التفاوضي وللزمن النقابي وللزمن الإداري وانعكاساته خطيرة على مصداقية الأطراف المحاورة وثقتها في العمل النقابي، وبالتالي هذا الزمان المستغرق يغذي حالة الاحتقان المتنامية، ولا ينظر باستراتيجية لما يتفاعل داخل الساحة التعليمية من توترات ودينامية نضالية متصاعدة، خصوصا في ظل ما يشهده قطاع التربية والتكوين من إشكالات بنيوية ومعقدة.

ثانيا: اتفاق تراجع عما التزم به في الاتفاق الأولي دون شرح أو إدراج مبررات، تراجع في مضمون بعض المطالب الترقية بالشهادة مثلا، هنا الاتفاق لم يخاطب الآلاف من المتضررين خصوصا من المقصيين من خارج السلم والزنزانة 10، وملحقي الاقتصاد والادارة والملحقين التربويين والإجهاز على حقهم في تغيير الإطار وإلحاقهم بهيأة الادارة التربوية، ومستشاري التوجيه والتخطيط خصوصا المرتبون في السلم العاشر، ناهيك على الضحايا الجدد نتيجة تنفيذ بنوده سواء في ملف الترقية بالشهادات اوغيره. لان هذه القضايا قدمت حلول لها في الاتفاق المرحلي، ما مصيرها؟

ثالثا: لم يعد الاتفاق المرحلي مرجعا، لوضع أسس ومنطلقات لتصحيح المسار وتجاوز أخطاء الماضي والتأسيس لمنهجية قادرة على الاستجابة لمطالب الشغيلة التعليمية في شموليتها، تعيد الاعتبار لها عبر إنصافها والتعاطي مع ملفاتها المطلبية بالجدية والمسؤولية اللازمة بأفق استراتيجي ومستدام.

رابعا: الحديث عن اتفاق المبادئ يجب أن يؤطر في سياق تصور شمولي واستراتيجي محيط بكل الإشكالات التفصيلية ووضعيات مطالب الفئات المتضررة ويعلن عن حلول وفق اجندة زمنية معقولة..

خامسا: بالنظر الى حالات ردود الفعل واتساعها لم يسهم الاتفاق في استقرار منظومة التربية والتكوين ربما لأنه لم توضح معالمه بالشكل التفصيلي او لفقدانه حالة الإجماع بين من ساهم في إنتاجه.

سادسا: اتفاق تم تاطيره بسياق سياسي شوش على خلفيته وجدية مضامينه.

سابعا: وضع مبادئ لنظام أساسي جديد لا ندري شيئا عن فلسفته وطبيعته وهندسته وهيكلته وبعض القضايا المرتبطة به.

ثامنا: عموما اتفاق لم يستحضر معركة التفاصيل و التنزيل وتداعياتها على القطاع . لان الأصل في الحواران تكون صيغ ومقاربات التنزيل هي موضوع التفاوض أما المبادئ فلا نختلف حولها .

تاسعا: كيف الآن سنعالج ارتداداته على العمل النقابي واليات التنسيق وانفلات المبادرة من التنظيمات النقابية.

2ــ هل قدم هذا الاتفاق نتائج ملموسة للشغيلة التعليمية أم مجرد إعلان نوايا كما يورد بعض النقابيين؟

لابد أن أوضح للقارئ، أن نص الاتفاق النص لم يستحضر اختلالات نظام 2003 والقضايا التي لم تفعل أو تحسم به من قبيل:

ــ ساعات العمل

ــ التعويض عن العالم القروي

ــ تصحيح اختلالات التعويض عن المنطقة وعدم توحيد تعويضات المنطقة الواحدة بين الفئات

ــ حصر الترقية بالشهادات بالنسبة للمدرسين فقط  دون غيرهم

ــ مراجعة شروط التقاعد النسبي القطاعية

ــ توصيف المهام وترتيب المسؤوليات

ــ الإقالة والاستقالة

ــ مراجعة طريقة التقييم وإدخال مفاهيم جديدة وعدم مراجعة نمط الترقية ذاته، نظام الكوطا والحصيص استنفذ إمكاناته في إطار التوازنات المالية أما نجدد نظامنا التربوي  او لا بشكل كلي. ورغم ذلك لم يتم تغييرها بالنظر إلى التحولات العميقة في المورد البشري .

ــ الغائب الأكبر هو عدم مناقشة ومراجعة نظام التعويضات والذي يعد أحد الاجزاء الاساسية في النظام الاساسي، بحيث لم تتغير الارقام الاستدلالية وهذا من عيوب نظام 2003، عدم تعميم التعويضات على جميع الفئات في إطار توحيد المسارات المهنية (التعويض عن التاطير مثلا) بالإضافة الى اختلافها بين الفئات، نسق الارقام الاستدلالية تنازلي وليس تصاعدي، مراجعة التعويضات المرتبطة بالمهام، بنية الرتب ومضمونها المالي وايقاعها …

3ــ تسوية ملفات التعاقد والترقيات وحاملي الشواهد، كقيادي نقابي ألا ترى أن الحل في الجلوس للحوار لا التصعيد؟

هذا الاتفاق اقصى جملة من الفئات التي كانت موضوع الحوار القطاعي لسنوات طوال مع الوزارة الوصية، ثم هذه الاجابات المتضمنة فيما يسمى اتفاق مرحلي، كانت فيها التزامات واضحة وموثقة، لم يتم البناء عليها  بالاضافة الى محدودية اثر هذا الاتفاق على المسارات المهنية للشغيلة التعليمية المعنية بها، ولانه لا يستهدف مطالب الفئات المتضررة التي كانت موضوع دراسة داخل اللجان الموضوعاتية منذ 2013 على الاقل، وباستثناء القضايا المحدودة التي تم تقديم حلول تراجعية بصددها، والتي يمكن ان تندرج تحت طائلة خذ وطالب،  فمجمل القضايا تم تهريبها الى لجنة النظام الاساسي الجديد المزعوم ، قصد التداول في وجود امكانيات للحل وليس التزاما بالحل، وبالتالي العبارة (الاحالة على النظام الاساسي) اصبحت تابوتا لإقبار اي امكانية لإيجاد حلول واضحة ومنصفة للمعنيين والمتضررين ، مما يعني استمرار منطق الاجترار والتسويف وربح الوقت وهذا سؤال عريض وكبير يطرح على الحركة النقابية بقطاع التربية والتكوين وعلى حقيقة قبولها بهكذا اتفاق ، ثم هذا الاتفاق المرحلي لم يقدم حلول مقنعة بل ساق جملة من الوعود المستقبلية بخصوص بعض الفئات المتضررة وسكت عن فئات متضررة اخرى.

لازلنا نتمسك بحوار قطاعي شامل وفق مقاربة تشاركية حقيقية تنهي حالة الاحتقان والتوتر في واقع التربية والتكوين، مقاربة تقدم حلول منصفة حوار قطاعي مسؤول منتج ومنصف لكافة المتضررين والمتضررات ومحكوم بافق زمني معقول ولا يعيد اجترار ما تم استهلاكه في الحوارات السابقة، بل يجب البناء على ما تراكم لانه اليوم هو عبارة عن التزامات واتفاقات تقتضي التنفيذ وليس اعادة النقاش فيها الى درجة الصفر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عبد الاله دحمان: الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *