جديد الكتب

من الكتب حديثة الصدور باللغة العربية، نقدم لقراء “السبيل” كتابا بالغ الأهمية، هو كتاب “بريتون وودز: الأحداث المفصلية في التاريخ المالي الحديث”، لمؤلفه الخبير الروسي في الاقتصاد المالي والنظام الاقتصادي الدولي فلانتين كاتسونوف، ترجمة: عبد الله أحمد، نشر: دار أوغاريت.

الكتاب عرض لأبرز مراحل تاريخ المعاملات المالية في العصر الحديث، كما أنه محاولة جادة لإبراز الظروف والأساليب التي سيطرت من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية على سوق المعاملات المالية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

يقف الكتاب بتفصيل أيضا عند الظروف التي مر بها “مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي” (بريتون وودز)، 1944. ثم يضع أصبعه على النتائج التي خلفها العمل بمخرجات هذا المؤتمر، والتي كان آخرها انهيار نظام هذا المؤتمر نفسه.

جاء الكتاب في عدد من الفصول، لعل أبرزها:

– ما قبل بريتون وودز.. التاريخ الموجز للمعايير الذهبية.

– عن تواريخ جولتين من التاريخ المالي العالمي.

– مؤتمر “بريتون وودز” والاتحاد السوفييتي.

– “بريتون وودز”: جملة لم تنفذ.

– اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية تجربة التعايش مع العالم المالي الدولي.

– وفاة “بريتون وودز” وولادة “الرأسمالية المالية”.

– حياة صندوق النقد الدولي بعد “بريتون وودز”.

– صراع الدولار والذهب…

مكتبتك في تاريخ المغرب

“موريتانيا: إقليم مغربي أصيل”، من تأليف علي يعتة؛ وثيقة تاريخية مهمة، تؤرخ لمرحلة من مراحل التاريخ السياسي المغربي، قبل أن يعترف المغرب بدولة موريتانيا، وحيث كان يطالب بها في المنتظم الدولي قبل أن يتراجع عن مطلبه لمصلحته ومصلحة المنطقة بأكملها (المغرب العربي).

الوثيقة عبارة عن “بحث حرر في الأيام الأولى لشهر أكتوبر 1960، واستعمل للتعريف بالقضية الموريتانية في الخارج ولتفهيمها لدى الرأي العام الدولي الديمقراطي”.

حاول يعتة، من خلال محاور البحث، إثبات مغربية شنقيط، معتمدا في ذلك مختلف الأدلة التاريخية والسياسية والثقافية والدينية؛ فجاءت محاور الكتاب كما يلي:

– لغة واحدة وثقافة واحدة.

– تاريخ مشترك.

– أرض مشتركة.

– اقتصاد متكامل.

– العلاقات بين السلطة المركزية وموريتانيا.

– الاحتلال الفرنسي سبب فصل موريتانيا عن المغرب.

– إرادة الموريتانيين…

إلى غير ذلك من المحاور التي لا يتسع السياق لذكرها، فاليوم سياق مختلف، وموريتانيا دولة ذات سيادة وباعتراف مغربي، إلا أ، ذلك لا يعفي من معرفة مرحلة مهمة من التاريخ المغربي وتوعية عموم الشعب المغربي بها.

فنون:

هل هناك أدب إسلامي؟ (1)

هل هناك من أدب إسلامي؟ كيف يتم التعبير عنه؟ هل له من قواعد؟ سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة، من خلال قراءة في كتاب “مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي” لمؤلفه عماد الدين خليل.

يبدأ عماد الدين خليل رحلته بالوقوف عند معنى الجمال، فيؤكد وجوده في الكون ظاهرا تراه كل العين، أو مستترا يحتاج إلى تأمل؛ وظيفته خلق الدهشة لدى الإنسان بما يجده في الكون من براعة الخلق وقدرة الخالق، إذن هو “وسيلة أريد بها تمكين الإنسان من التحقق بعلاقة أكثر حيوية وتدفقا وصميمية بالكون” (ص 9).

فليس الجمال للجمال، بل لغاية؛ والغاية تحقيق الاتصال بالخلود، باللانهائي في الأزل والأبد.. غيره مجرد متعة مؤقتة قد تنفع لتنفيس كربة مؤقتة، ولكنها لا تصلح لتكون دلالة على معنى وجودي.. ضيع الإنسان المعاصر هذا المعنى، منحسرا في اليومي، باحثا عن جمال زائف، مكتفيا بسرعة الاستمتاع.. فضاع الجمال بضياع التأمل، وفقد الإنسان اتصاله بالأصل بعدما فقد الجمال اتصاله بالكل (جمال الكون).

نافذة على مشروع فكري

عبد الوهاب المسيري.. الجماعات الوظيفية (2)

“الحلولية الكمونية” والجماعات الوظيفية

“الحلولية الكمونية” إما مادية، تقول ب”وحدة الوجود المادية”، يتم فيها إرجاع الحياة لمبدأ واحد هو “القانون”، “قانون الطبيعة” أو “قانون الحركة” أو “القوانين العلمية” أو “القوانين المادية”… الخ؛ وإما روحية، تقول ب”وحدة الوجود االروحية”، يتم فيها إرجاع الحياة لمبدأ واحد هو “الإله” أو “نفس العالم”؛ وإما شبه مثالية، ترجع الحياة إلى ما تسميه “روح التاريخ” أو “القوة الدافعة” أو “الوثبة الحيوية” أو “العقل المطلق” أو “إرادة القوة”… الخ، وهذه في نظر المسيري “روحية بالاسم مادية بالفعل”. (عبد الوهاب المسيري، الجماعات الوظيفية اليهودية، ص 54-55)

انطلاقا من هذا التقسيم، توصل المسيري إلى أن “أعضاء الجماعة الوظيفية يتبنون رؤية حلولية كمونية واحدية (ثنائية صلبة) ترد العالم بأسره إلى مبدأ واحد كامن في العالم، وتختزل الواقع بكل تعينه وتركيبته إلى مستوى واحد. هذا المبدأ الواحد بالنسبة لأعضاء الجماعة الوظيفية، هو الوظيفة نفسها أو الوظيفة باعتبارها تجسدا للمبدأ الواحد، وتحل الوظيفة محل الأرض في الثالوث الحلولي. فبدلا من الثالوث الحلولي التقليدي (الشعب-الإله-الأرض)، يكون الثالوث هو: الجماعة الوظيفية-الإله-الوظيفة”. (ص 60)

بعد هذا التحديد العام، يبرز المسيري وجه العلاقة بين سمات الجماعات الوظيفية (ذكرناها في الحلقة السابقة) والحلولية الكمونية الواحدية. وهكذا، فمن خلال “التعاقدية” و”العزلة والغربة والعجز” و”الانفصال عن الزمان والمكان والإحساس بالهوية الوهمية” و”ازدواجية المعايير” و”الحركية” و”التأرجح بين التمركز حول الذات والحرية المطلقة والتمركز حول الموضوع والمصير المحتوم”؛ من خلال هذه السمات تتمركز الجماعة الوظيفية حول ثالوثها “الجماعة الوظيفية-الإله-الوظيفة”؛ الإله في هذا الثالوث لا يمثل قيمة وجودية بقدر ما يمثل إضفاء للطابع المقدس على الكمون في “الوظيفة”. (من ص 61 إلى ص 68)

وبانتقاله إلى الجماعات الوظيفية اليهودية، يؤكد المسيري أن “رؤية الجماعة الوظيفية للعالم –شأنها في هذا شأن أي جماعة وظيفية- تستند إلى مركب حلولي، فتجعل من ذاتها مركز القداسة وصدر المطلقية (مقابل مجتمع الأغلبية المباحة النسبية)” (ص 68). يكتشف الباحث هذه الحلولية، لا في ممارسة اليهود فقط، بل في عقائدهم (كعقيدة الماشيح مثلا، تفصل اليهود عن الزمان والمكان، وتضعهم في البدايات والنهايات)، وقد تصاعدت (الحلولية) لديهم من “التوراة إلى التلمود إلى القبَّالاه (بما هي انعزال مرضي تسبب فيه البعد عن السلطة ودوائر القرار”. (من ص 68 إلى ص 71).

وجب التمييز بين المسوغات النفسية والإيديولوجية لدى اليهودية المحرفة، وبين الأساس الاجتماعي والسياسي الذي أملاها. تفكيك البنى الفوقية لممارسة اليهود، في الجيتوهات الغربية أو في الجيتو الكبير (الكيان الصهيوني)، أمر مهم؛ لكنه ينقلب ضد نفسه إذا أغفل الجذور الاجتماعية لتلك البنى. هناك أصل اجتماعي وقابلية إيديولوجية (في اليهودية المحرفة)، والتحريف نفسه أملاه المال والتجارة والتأقلم مع مختلف السلط عبر تاريخ اليهود. الصهيونية إصلاح لليهودية المحرفة في شرط الرأسمال المالي العولمي (رغبة في الخروج من الهامشية الجديدة، الجيتو)، واليهودية المحرفة إعادة إنتاج لليهودية في شرط قديم (الشتات، الأقلية والهامشية القديمة).

الصهيونية محاولة للإصلاح باءت بالفشل، لأنها سرعان ما سقطت في استراتيجية الرأسمالي المالي، بأقنعة وقابليات أنتجتها وأعادت إنتاجها اليهودية المحرفة. وبعدما أصبحت للرأسمال المالي حسابات جديدة (بما فيه الرأسمال اليهودي، يهود أمريكا)، أخذ اليمين اليهودي المتطرف يتحرك ضد هذه الحسابات. وعليه، فإن تحالف الرأسمال “الإسرائيلي” مع “الأصولية اليهودية المتطرفة” يمنح تحليل المسيري مصداقية جديدة، حيث يراد لل”حلولية الكمونية” إنتاج خطاب متطرف على النقيض من “نهاية إسرائيل”.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *