واجبنا في حماية المرأة المسلمة

في العدد الذي قبل هذا من جريدة السبيل الغراء كنا قد تكلمنا عن بعض المكائد التي يعتمدها أعداء المرأة المسلمة لإفسادها في موضوع تحت عنوان: “المرأة المسلمة وكيد الأعداء”، وقد يقول قائل: فكيف نستطيع أن نعين المرأة المسلمة في مجتمعاتنا على الصمود أمام هذه الحرب الشرسة والتيارات الجارفة التي تستهدفها من هؤلاء الأعداء؟.
وجوابا عن هذا السؤال واستتماما للفائدة رأيت أن يكون كلامنا في هذه المقالة على بعض الخطوات المنهجية التي تساعد على حماية نسائنا ونساء المؤمنين من هذه التيارات الجارفة التي يقودها (الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا) الذين (لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) سورة النور الآية 19، وأهم ما يساعد على حماية المرأة المسلمة من ذلك ما يلي:
أولا: الاهتمام بتربية الفتاة المسلمة من الصغر على حب الله ورسوله وشريعته، وتقوية جانب الإيمان بالله واليوم الآخر والحساب في قلبها مما يكون رادعا داخليا لديها من الانزلاق إلى مستنقع الشهوات الذي يدعوها إليه أعداؤها.
ثانيا: إيجاد القدوة الحسنة للفتاة، وأن تكون الأم هي تلك القدوة الحسنة لأن الفتاة عادة ما تتأثر بأمها وتقلدها، وعلى الأم أن تتابع بنتها وتلاحظ كل ما يستجد من انحراف على مستوى سلوكها أو تفكيرها، ثم تعالجها بأسلوب مقنع حتى لا تتراكم تلك الانحرافات فتصبح عقيدة تحل محل عقيدة الإسلام والصلاح.
ثالثا: تقديم الإسلام في صورته الحقيقية الناصعة لا كما يفهمه البعض حيث ألبس بعض العادات الموروثة ثوب الدين زورا وبهتانا، وهذا بفضل الله ممكن ميسور لكثرة الوسائل التي تساعد على تحصيل العلم النافع، ومعرفة أحكام الدين.
رابعا: تطهير البيت مما يشجع ويزين الفساد والخنا من القنوات الفاسدة والمجلات الهابطة والأشرطة الماجنة، فعلى الأسرة أن تحمي بناتها من الصحف والمجلات التي تبرز الصور الخليعة، وتنشر قصص العبث واللهو والحذر من أولئك الذين ينشرونها بين الناس، (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً) سورة النساء الآية 27.
خامسا: قص قصص النساء الصالحات، بدءا بأمهات المؤمنين والصحابيات، ونساء السلف الصالح حتى يكون لدى الفتاة قدوات تقتدي بهن في زمن ندرت فيه القدوة الصالحة خاصة من النساء.
سادسا: إشاعة جو الإيمان والصلاح في البيت من خلال إحضار الكتب الإسلامية الخاصة بالمرأة والمجلات الإسلامية المنوعة التي تخاطبها والأشرطة الإسلامية بصفة عامة، والتي تعنى بموضوعات المرأة على وجه
سابعا: تفسير بعض السور من كتاب الله مثل سورة النساء وسورة النور ونحوها، أو تفسير القرآن الكريم بكامله، وقراءة كتب الحديث والسيرة النبوية، كالبخاري ورياض الصالحين في صورة درس ولو أسبوعي في البيت.
ثامنا: محاولة إيجاد مسابقات وألعاب ووسائل حديثة بالنسبة للصغيرات، وذلك لغرس مبادئ الإسلام في قلوبهن وتحبيبه إليهن ….
تاسعا: تربيتهن على الشعور بأنهن مسؤولات أمام الله عن أعمالهن وسلوكهن، والشعور برقابته الدائمة معهن في كل لحظة وأنه يعلم السر وأخفى، (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) سورة سبأ الآية 3.
وعموما فإن الأسرة واجب عليها أن تغرس في بناتها حب الله والخوف منه والرغبة في ثوابه، والرهبة من عقابه لقوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) سورة الحجر الآية 49-50، خاصة وقد ثبت أن قلوب البنات والنساء أسرع إلى التأثر بالدين وتعاليمه من الرجال.
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: ذلك لأن المرأة أسرع تأثرا، وأرق في الجملة قلبا، وأقرب إلى التذكر إن ذكّرت، ثم إن أسباب الصلاح والفساد بيدها هي، لا بيد الرجل، لأنها معلمة المدرسة الأولى التي تكون قبل مدارس الحضارة (مدرسة البيت) في السن التي تغرس فيها كما قلت من قبل مرات ومرات بذور الإيمان والكفر والشر، تغرس كلها في السنوات الخمس الأولى من العمر، فلنجعل للنساء مجالس في المساجد نختار لها من العلماء من كان حاضر القلب مع الله إن قال استمعن إلى قوله، وإن وعظ استجبن إلى وعظه الذكريات: 280.
ولنا في المصطفى عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة فقد بيّن فضائل تربية البنات، وكان صلى الله عليه وسلم يكرمهن ويقربهن ويشملهن برعايته وحنانه، فكان يحمل أمامة بنت ابنته زينب رضي الله عنها وهو في صلاته.
ولئن نسي البعض فضائل البنات فلن ننسى أمهاتنا، ولن ننسى نساء أشاد الله تعالى بِهن في كتابه ونوّه بأعمالهنّ كمريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وأمهات المؤمنين زوجات النبيّ رضي الله عنهن، وغيرهن كثير…
فلو كان النساء كمن ذكرنا… لفُضّلت النساءُ على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيْبٌ…ولا التذكير فخرٌ للهلالِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *