القنابل الفكرية الشيخ الدكتور جميل اللويحق

يقول الشيخ مصطفى صبري رحمه الله: “لو أن اليهود رموا على العالم الإنساني خمس قنابل ذرية وهيدروجينية ما كانت ستؤثر فيه مثل تأثير خمسة علماء يهود من أئمة الكفر والضلال، وهم “ماركس” الشيوعي، و”دارون” الاستحلالي، و”فرويد” النمساوي، و”أوجست كونت” الفرنسي الوضعي، و”دوركهايم” الاجتماعي، هؤلاء أفسدوا وفتكوا بعقل وأفهام أخلاق العالم الإنساني، وقد أكبرهم اليهود وعظموهم وجعلوا منهم أئمة وأعلاماً، فعلينا اليوم أن نقاتلهم ونحاربهم، لأن ديننا يأمرنا بمقاتلة أئمة الكفر، وأنا على يقين بأنه سيأتي يوم تنكشف وتظهر فيه الأخطاء والجنايات الفاحشة لهؤلاء، فماذا بعد الحق إلا الضلال” ا هـ.

لقد تذكرت وأنا أقرأ هذا الكلام كيف يستكثر البعض أن يتناول المنتسبون للرؤية الإسلامية بعض المفاهيم والقضايا المستوردة من بيئات وثقافات مخالفة لنا ويضعونها على مشرحة التحليل والنقد ويردون منها ما خالف ديننا ومنهجنا ولو اقتضى ذلك خوض معارك فكرية طويلة وحتى لو أشغل ذلك الساحة العامة ما دام ذلك هو سبيل وقاية المجتمع منها حيث لا سبيل لنا حينها غير ذلك لبيان خطرها وضررها وعوارها.
والواقع أن مثل هذه القضايا حين يترك لها الميدان لتصول وتجول ولتنخر في ثقافة أبناء الأمة ولتعبث بقناعات البسطاء منهم إنما تفعل ما هو أشد من فعل القنابل المدمرة الساحقة التي يلوح بها الأعداء اليوم.
وإلى مقارنة إشارية سريعة إلى عظمة خطر القنابل الثقافية والفكرية مقارنة بالقنابل المادية القاتلة، فمن ذلك:
– أن القنابل المادية تقتل من وقعت عليهم، وقد يستمر أثرها لفترة من الزمن لا تطول غالباً، وأما القنابل الفكرية والثقافية فهي تسري في الناس فيتأثر بشظاياها عدد كبير من الناس بدرجات متفاوتة، ويستمر هذا الأثر زمناً طويلاً.
– ومنها أن القنابل المادية متى انفجرت شحنت المستهدفين بها بالغضب ورغبة الانتقام وبعثت فيهم الحمية والانتماء، وربما كانت سبباً في اشتعال عزائمهم وتفجير مكامن الشجاعة فيهم، أما القنابل الثقافية والفكرية فهي على العكس من ذلك فهي تحول قناعات المستهدفين إلى ما يريده المنتج والمروج لها بل قد تجعل منهم عملاء ووكلاء بالمجان لمشروعه الذي يريد.
– ومنها أن القنابل المادية بحد ذاتها وسيلة أقصى آثارها ما تلحقه من دمار وقتي وموضعي، أما القنابل الثقافية والفكرية فهي وسيلة وهدف في الوقت نفسه، فمتى انفجرت التصقت مادتها بفكر وعقل من استهدفتهم، وبقيت حرارتها ورائحتها مستمرة حية.
– ومنها أن القنابل المادية شر ووبال في فهم واعتقاد كل أحد، فلا يتمناها أحد ولا يرضى بها إنسان حتى ولو كان مستحقاً لها. وأما القنابل الثقافية والفكرية فهي مزوقة خادعة قد تخفى على الكثيرين حقيقتها، بل قد يشغف بها البعض فيبحث عنها، ويسعى لاستقدامها لتنفجر في مجتمعه وبين أحب الناس إليه.
– ومنها أن القنابل المادية تخرج من سلاح العدو الصريح غالباً، وأما الأخرى فقد يفجرها العزيز القريب بنفسه، أو يمهد لذلك ويساهم فيه.
– ومنها أن القنابل المادية قد تقضي على حياة البعض وتقطع عليهم امتداد عمره في الدنيا، وأما القنابل الثقافية والفكرية فقد تقضي على دنياه وأخراه معاً.
وقانا الله وإياكم شر القنابل من كل نوع ولون، ومن كل عدو وصديق.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *