سؤال العري عصام البشير المراكشي

 هل بلغ من أهمية موضوع اللباس أن ننشغل بمناقشته في الإعلام ومواقع التواصل؟

نعم.. فاللباس رمز للثقافة، وشعار للحضارة، ووعي لدى الفرد، ووشيجة تماسك في المجتمع.

وانظر –أيها المتغرب المفتون- إلى انشغال الأوروبيين بلباس المسلمات، في مجالسهم التشريعية، ومنابرهم الإعلامية، ومجالسهم الفكرية، لعلك تستشعر أهمية الأمر تقليدا، إن أعوزك إدراكها إبداعا..

ولكن، هل يجعلنا هذا الموضوع نفرّط في الموضوعات الأخرى، الحضارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

كلا.. ومن قال إننا لا نهتم بقضايا الأمة كلها؟

ومن قال: إن هنالك تعارضا بين الاهتمام بلباس الأفراد المنعكس على قيم المجتمع، وقضايا الأمة الحضارية الكبرى؟!

لكن.. قد يقال:

لِمَ الحديث عن لباس المرأة خصوصا؟ أليس هذا من آثار العقلية الذكورية “الميزوجينية” التي تعلق كل آفة في المجتمع على شماعة المرأة؟

والجواب: كلا.. بل نحن حين نجعل الشريعة مرجعيتنا، فإننا لا نخص المرأة بتقييد في اللباس، ونترك الرجل حرا في ذلك؛ بل أحكام العورات تشمل الرجال والنساء معا، لا على سبيل المساواة، بل على منهج العدل، الموافق للفطرة والتكوين الفيزيولوجي والنفسي لكل منهما.

والمفتونون بالغرب يعلمون حق العلم أن المرأة عندهم –مهما تفننوا في دعاوى المساواة– أكثر انشغالا بملابسها وزينتها من الرجل، والرجال عندهم أشد انشغالا بملابس المرأة وزينتها وتفاصيل جسدها، من أي شيء آخر فيها، يشهد على ذلك سعار الجنس، وهوس العري، المتفشي في مفاصل مجتمعاتهم.

فالمُعادلة هكذا:

رجالنا المتدينون ينشغلون بجسد المرأة حرصا على ستره، احتراما للمرأة وإكبارا لجانب الروح والعقل فيها؛

ورجالهم المتفسخون ينشغلون بجسد المرأة حرصا على تعريته، إذلالا للمرأة وإنزالا لها إلى مرتبة الخادم الجنسي الملبي لنزوات الرجل.

فأي الفريقين أحق بالتبكيت والتقريع، وأيهما أولى بالثناء والتشجيع؟!

إضاءة ثالثة:

يقول الكاتب الفرنسي ميشيل تورنيي (Michel Tournier): (إن العُري أشد من أن يكون غير لائق فقط، إنه بهيمي! اللباس هو روح الإنسان).

(La nudité, c’est pire qu’indécent, c’est bestial! Le vêtement, c’est l’âme humaine).

وخير منه قوله تعالى: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما).

فأقول: العري أشد من أن يكون بهيميا، إنه إبليسي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *