شخصية المراهق والغــــول العنكبــــوتي أحمد السالمي

يشهد العالم طفرة معلوماتية، وهذه الطفرة لها تأثيرات جانبية على المجتمعات، وأعراض خطيرة على الأسرة، وآثار نفسية وسلوكية على الأفراد، خصوصا مدمني الجلوس أمام الحاسب الآلي والعالقين في حبال الشبكة العنكبوتية.
فالدراسات والإحصائيات تؤكد أن غالب السلوكيات المنحرفة يكتسبها الطفل والأحداث المراهقين المنحرفين من شبكة “الانترنت”، بدء بالشذوذ والزنا ومرورا بالسرقة –هناك مواقع متخصصة في علم السرقة وفتح أشد الأقفال صلابة وتعقيدا- والمخدرات والتبرج، وانتهاء بعبادة الشيطان والكفر برب الأرض والسماوات.. واللائحة تطول.
ولا تخفى على بصير عليم بهذه الشبكة العنكبوتية، التي من وقع فيها بدون حراسة وحصانة لفَّته بخيوط الشهوات حتى إذا أحكمت وثاقه حقنته بمصل الشبهات.
وفي غياب الرقابة التي تقتسم مسؤوليتها الدولة والأسرة، يبقى هؤلاء المساكين في مواجهة هذا الغول المقنع الذي لا يزداد إلا ضخامة يوما بعد يوم ويكثر ضحاياه ساعة بعد ساعة.
فالمواقع الإباحية لا تزداد إلا كثرة، مقربة الفاحشة للمواطن المراهق وبالمجان، ومحفزة إياه على ارتكابها، وإيقاع غيره فيها و..، ومواقع الارتداد لا تزداد إلا تمكنا من المراهقين لتبديلهم عن دينهم تحت مسمى التمثيل تارة، وتحت مسمى الموسيقى تارة أخرى و..، ومواقع تدعوا إلى الثورة المسلحة ومواقع..ومواقع..، فهذه الدوامة المواقعية تأثر على نفسية المراهقين وتصيبهم باضطرابات نفسية سلبية تؤثر على شخصية من سيكونون رجال وقادة الغد.
هذه الآثار النفسية السلبية تصيب المراهقين بالخصوص لسببين اثنين: أولاهما أن هذه الفئة تمثل الأغلبية بنسبة لمستعملي الانترنت، وثانيهما: أن المراهقَة تعتبر مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، وهي حساسة في عمر الإنسان، حيث يعتريه خلالها الكثير من التغيرات النفسية والجسمانية.
وقد قام “د. تشانج يوك يانج” أستاذ في جامعة “دمنج” في كوريا بدراسة عنونها بـ: “الخصائص الاجتماعية والنفسية للمراهقين الذين يستخدمون الحاسب بكثرة”، خلصت إلى:
الخصائص النفسية
كثيرو الاستخدام (مدمنو الحاسب) كانوا أكثر عرضة من باقي الفئات للعزلة الاجتماعية، الانطوائية، ظهور أعراض جسمانية مختلفة، تدهور المستوى الدراسي، الخلافات الأسرية وقلة ساعات النوم.
كذلك كثرت فيهم الكآبة، الوساوس، القلق، الشعور بالنقص، حتى قبل إدمانهم على الحاسب، ولعل هذا هو سبب انهماكهم في الحاسب هروباً من هذه الانفعالات.
هذا وقد كانت هذه الخصائص أقل في فئة متوسطي الاستخدام وأقل بشكل واضح في فئة قليلي الاستخدام.
وقد خلصت الدراسة إلى أن المراهقين من مدمني الحاسب كانوا يعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية خطيرة على حد تعبير الباحثين.
انطلاقا من هذه المعطيات الميدانية وحتى لا يصبح الغول العنكبوتي مجالا خصبا لكل الانحرافات السلوكية والأمراض النفسية التي تأخذ بناصية المراهق إلى تعلم الجريمة وإدمان المخدرات و.. للهروب من مركب النقص الذي يتولد عنده من خلال ما يشاهده على الانترنت ولا يستطيع تطبيقه على أرض الواقع، فهنا يبرز الدور الكبير للأسرة والدولة في محاربة مخاطر هذا الوسط وجعله أكثر أمنا.
وذلك بـ:
– تقوية الوازع الديني عند المراهقين وتذكيرهم بربهم وأنه مطلع على ما يقومون به في خلواتهم، وذلك من خلال مقررات التعليم وخطب الجمعة والأيام الدراسية..
– إنتاج برامج تبث على القنوات المحلية تبين مخاطر وسلبيات الاستعمال غير الرشيد وكيفية اجتنابها.
– توفير إنترنت آمن وخال من الأضرار التي تؤذي المشاركين والمراهقين على الخصوص وذلك بإنشاء إدارات تهتم بمنع المواقع الإباحية كما هو الشأن في بعض البلدان الإسلامية.
– سؤال الأولاد ومناقشة ما يقومون به على الانترنت مع تصويب الأخطاء بكل مرونة وبلا شدة حتى لا تنطمس شخصية المراهق.
– الحرص على أن يكون الحاسب الآلي في مكان مفتوح ولا يكون مستورا في غرف نوم الأطفال والمراهقين.
– اقتناء بعض برامج المراقبة حتى يتمكن الوالدين من معرفة المواقع التي يستخدمها الأولاد.
– محاولة التعرف على الأشخاص الذين يتبادلون الاتصال عبر غرف الدردشة والمراسلة الفورية مع الأبناء.
– الاعتناء بتعلم التقنيات الحديثة وكل ما يطرأ عليها من تطور لمواكبة كل جديد في عالم الانترنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *