فزعت الأقلام بعد عزفها واستفزت في ربيع زفافها..
وغلب طيش أشرارها على كلمة العيش عند أحرارها..
قلم تحرير وتنوير، وقلم تزوير وتقتير وتبذير..
قلم يبتغي نهج الوسط وعدل النمط، وقلم يهيج بالشطط واللغط والغلط..
قلم لحافه بحلفاء الخط المستقيم، وقلم حلاف مهين، هماز مشاء بنميم..
فماذا فعل قلم المساء وكيف أساء؟ وما ذنب الجريدة تضرب بجريدة وأي جريدة؟!
أمن الحصافة إعدام الصحافة؟! وهل القضاء يقضي بأن الصح آفة.
إن من مقاصد الدين الإسلامي حفظ الأعراض ولكن بالحق وليس بانتهاك الأعراض وحبك الأغراض..
قال الله تعالى: “وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً”.
إن الحكم القضائي الغليظ: “وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ”، الذي منيت به جريدة المساء للأستاذ رشيد نيني، حكم فيه من الإسراف في استغلال كبوة جواد “قصارى ما يقال في مقاله “رجل أبهم في السياق فأخطأ” أفنحمّله أكثر من حمله.. ونزيده من الأوزار فوق وزره.. ونبخسه من حقه وأجره..
هذا إذا سلمنا بثبوت الوزر “ديانة وقضاء”، وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من أخيه، فمن قطعة له من حق أخيه شيئا فإنما هي قطعة من نار..”، ناهيك عن كون الرجل اعتذر سلفا، والاعتذار عند كرام الناس مقبول، فهل آلت المساء إلى حالة الأيتام على موائد اللئام؟!
إن “القضاء والصحافة” سلطتان تحكمان بمداد الأقلام، فترفع أعلام وتنكس أعلام.. والأجدر بدولة “الحق والقانون” أن تحدث توأمة النزاهة فيهما معا..
وقديما قيل “صنفان من الناس على شفير جهنم العلماء والأمراء” وما أراني أرى الرأي الذي يسري في الناس اليوم إلا رأي الصحافة حتى كأنها تبوأت مكانة العلماء..
وأما “القضاء” فهو باسم جلالة الملك نصره الله وأيده..
وحينئذ أفليس “القضاء والصحافة” هم من على شفير جهنم اليوم.. “وعادة السيف أن يستخدم القلما”.
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي *** المجد للسيف ليس المجد للقلم
أكتب بنا أبدا بعد الكتــاب بـه *** فإنما نحـن للأسيـاف كالخـدم
وقال القلم عن نفسه: “أنا الذي أقتل بلا غرر، أخبر بالخبر وأنظر بلا بصر”.
وهل بدأ الجناية الآثمة الكاذبة الخاطئة “على دور القرآن الكريم حتى أغلقت” إلا جريدة ومحام؟
إن المساء -وإن كنا نريد منها مزيد عناية بديانة القراء؛ تحرّياً وانتقاء.. في الصورة والفكر- فهي في صحافة المغرب سكينة من الضوضاء والغوغاء، وحري بالعقلاء أن يتمموا بنيانها ويكملوا نقصانها لا أن يشغلوا بضرب الطبل لزلتها، والحيف في إعدام كلمتها.. فإن وأد صادق الكلمات أشد من وأد صغار البنات، وإن الحقوق لا تسترد بعقوق.. وعقر كلمة الحق المنشود.. أشد عند الله من عقر ناقة ثمود..
ناقة ثمود التي “كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا، إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا، وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا”.