إن صناعة النجوم والأبطال كانت منذ عهد قريب تتم في المساجد والمدارس وساحات القتال.. وبمقاييس جد هامة ورزينة, ولا حظَّ للتافه من الناس في ذلك.
فالنجوم التي يستضاء بسيرتها أمثال الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والأئمة والفاتحين التي ربيت وصنعت في المساجد، وتكونت على أيدي العلماء فكان منهم البطل الفارس والبطل العالم وأبطال في الأدب والكيمياء والرياضيات والفلك والطب والهندسة والتاريخ، فعمروا الأرض ورفعوا من قيمة الإنسان حتى أضحت الدولة الإسلامية قائدة العالم.
هؤلاء الأبطال غيبوا عن واقع الناس وثقافتهم حتى لا يتخذونهم قدوة وأسوة.
أما اليوم فصناعة النجوم تتم داخل البيوتات المختلطة ذكورا وإناثا، همهم اللهو واللعب والمرح والغناء.., ليجعل من أمثال نجوم “ستار أكاديمي” و”استديو دوزيم”, هم النموذج الذي يحلم به الشاب, وهن القدوات اللواتي تتمنى الكثيرات من البنات أن يصرن مثلهن.
توفر لهذه البرامج الإمكانات من الأموال العامة حتى تكون النتيجة الحصول على جيل ممسوخ, سمات وقيم الغرب هي الطابعة لسلوكه.
منتجو”ستار أكاديمي المغاربي” و”استديو دوزيم” وسنة تقليد الغرب
إن مثل برنامجي “ستار أكاديمي المغاربي” و”استديو دوزيم” يرجو منها منتجوها -كما يقولون- اختيار وصقل المواهب الشابة, واكتشاف النجوم الموهوبين للرفع من مستوى الفن الكاسد، إنما تمثل في الحقيقة الأدوات الهدامة للشخصية المسلمة، والتي يعمل الغرب على تصديرها حتى يمعن في الاستحواذ على أهم طاقة في مجتمعاتنا ألا وهي شباب الأمة.
فبدل الرفع من ميزانية البحث العلمي والحرص على احتضان الطاقات الشابة التي ما فتئت تبحث عمَّن يتبنى ابتكاراتها ومخترعاتها، تُصرف اهتمامات الشباب إلى الغناء والتمثيل ويُحتضن المائعون والمائعات في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى بناء الشخصية المغربية حتى لا يبقى اقتصاد بلدنا رهين السياحة التي فرضت علينا التنقيب على المغنيات والممثلين والشواذ حتى نوفر المواد الاستهلاكية للسائح الغربي.
فنحن عندما نتهم مخططي الغرب بالوقوف وراء مثل تلك البرامج لا نفتري عليهم، فكل تلك الأفكار لابد أن تجد لها صلة بالغرب، إما من حيث الفكرة وإما من حيث الإنتاج وإما من حيث الاحتضان.
أما هذا البرنامج فالفكرة أجنبية، والدعم قدم له من طرف شركة “ميدتيل” البرتغالية- الإسبانية التي هي من قبيل الاستثمارات الأجنبية في المغرب التي لا تتوانى في مسخ الثقافة المغربية الإسلامية.
فـ”ستار أكاديمي” بدأت فكرته في أوربا وأمريكا، ثم تلقاها نصارى لبنان التي تعتبر مدخل الغزو الغربي العسكري والفكري عبر التاريخ، ثم بعد ذلك تلقفها المسلمون في المغرب العربي المتبع -أو الذي كان متبعا- لمذهب الإمام مالك أشد المذاهب الإسلامية صونا للمرأة والرجل عن مزالق الشهوات ومهالك الرذائل.
والغريب أن فكرة العلمانية، -التي تُعتبر مثلُ هذه البرامج ثمرةً لسياساتها-، قد قطعت نفس المسار فبعد استوائها على كراسي الحكم في أوربا وأمريكا، صُدِّرت إلى العالم الإسلامي فدخلته عبر كتابات نصارى لبنان أمثال “بطرس البستاني” وأعانتهم على نشرها المحافل الماسونية بالمال والجرائد والمجلات، وبعد ذلك تلقفها المستغربون من أبناء المسلمين أمثال “علي عبد الرزاق” و”قاسم أمين” و”لطفي السيد” ومن على شاكلتهم، حتى أصبحنا اليوم نسمع من يتبناها من المغاربة ويطالب بأن تسود على دواليب الحكم بعد أن تحكمت في قطاعات الثقافة والسياسة والتعليم.
إن إحداث مثل هذه المشاريع الهدامة هو عمل مستورد من الغرب الكافر الذي لا يعرف للقيم والأخلاق معنى, ويذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:” لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوا القذة بالقذة, شبرا بشبر, ذراعا بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه” قيل يارسول الله: اليهود والنصارى, قال: فمن!!”.
ومعنى “فمن!!” أي مَن القوم أولئك إن لم يكن المغضوب عليهم من اليهود والضالون من النصارى.
هذا الواقع سنعانيه ما دمنا قد فقدنا تميزنا بهويتنا, وهجرنا أسباب عزنا (تمسكنا بالقرآن والسنة بفهم صحيح).
فهؤلاء القوم لم يكفهم “ستار أكاديمي” النصراني اللبناني حتى أحدثوا “ستار أكاديمي” لإستهداف الشباب المغاربي, فيغدوا أكبر همٍّ لكثير من الشباب أن يلمع نجمهم في الرقص بدل أن يكون هدفهم التكوين العلمي لنفع نفسه وبلده ويضطلع بمسؤوليته اتجاه نفسه ومجتمعه.
وكي يلق هذا البرنامج الهادم للأخلاق والقيم رواجا وذيوعا، وحتى يستقطب أكبر نسبة من الشباب المغاربي أنشأوا له قناة خاصة, ما يعرض فيها من دون هذا البرنامج هو أشد هدما وتمييعا وتخريبا للأخلاق والقيم, سموها نسمة, فأقبح “الفيديو كليبات” تعرض عليها, وكذلك أغاني عشاق “الراب” و”الهارد روك” و”الهارد ميتال”.
آثار مثل هذه البرامج على الشباب
لقد بات واضحا أن مثل هذه البرامج تسهم بشكل مباشر في محو قناعات المغاربة بضرورة التمسك بالقيم الإسلامية، إذ تزين لأبنائهم التهتك والمجون و تنشر فيهم الرذيلة والفاحشة بحجة التمتع بالحرية في أقصى صورها وغاياتها, وخروجا من عقدة الكبت والقمع والقيود التي تمارسها الأحكام الشرعية والقيم والتقاليد.
لقد أغلظ الله سبحانه على كل من يستهدف أخلاق المسلمين وتوعدهم بالعذاب في الدنيا والآخرة في قوله جل في علاه:”إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” النور19.
ولا يخفى على الذي عنده بصيص إيمان وتقوى خطر هذه البرامج والقنوات التي تطفح بالمخالفات الشرعية, والتي تستنكرها الفطر السليمة من عري وتبرج وتفسخ, وعلاقات غير شرعية, واختلاط, وتبادل القبل, ورقص وغناء وتميع وخضوع في القول…
وهذا يظهر من خلال المقاييس المحكمة في اختيار الفائز:
– الأكثر تفتحا على النساء من الرجال.
– المتجرئة في إبداء مفاتنها من الفتيات.
– الأجمل صوتا في الغناء.
– المندمج في المجموعة دون اكتراث بحلال أو حرام مثل التقبيل والضم.
– المتحررة التي لا تجعل من الدين والحياء قيدا على تصرفاتها.
هذا بالإضافة إلى إتقان إلقاء العروض بكل ما تتطلبه من انكسار وغنج وميوعة.
ومن الغريب أن ما يتبجح به القائمون (منتج البرنامج ومالك القناة) على “الستار” المغاربي هو كون برنامجهم يتسم بالطابع العائلي لأن الدار التي ستجمع طلاب “الأكاديمية” ستفصل بين الذكور والإناث، وذلك حتى لا تكون لمثيري الشغب حجة -على حد زعمهم-، هذا الفصل الذي سيكون سدا لذريعة إقامة العلاقات المشبوهة.
فهل حقيقة هؤلاء القوم أنهم يخشون أن يدنس عفاف تلك الفتيات أم أن هذا العمل هو من باب “بلغني أن العزل حرام”، فقد روي عن أحد الفساق أنه زنى بامرأة فحملت من الزنا.. فلامه أخوه, وقال له: قبحك الله, هلا عزلت إذ زنيت بها!!. فقال هذا الفاسق: بلغني أن العزل مكروه!!. ذكرها أبو حيان التوحيدي في “البصائر والذخائر”.
وزنى رجل بامرأة فقال لها أثناء القيام بالفاحشة.. يا هذه غطي وجهك فإن الوجه عورة..
وأخيرا نتساءل كيف يتم إنشاء هذه البرامج والقنوات في ظل ما تعانيه الشعوب الإسلامية من قهر واستضعاف وفتن؟
وهل شباب “الستار” يحمل همَّ الأمة الإسلامية وما تعانيه من مشاكل وأزمات؟
وهل واقع العراق وفلسطين.. من اهتمامات هؤلاء الشباب؟
وهل ينتظر من مثل هذه البرامج أن تصنع شخصيات تدافع عن المغرب إذا -لا قدر الله- أصابه ما أصاب فلسطين والعراق، أم ستخرِّج لنا أمثال “كاظم الساهر” الذي يحارب الأمريكان بالدف والعود، أو أمثال “هيفاء وهبي” و”نانسي عجرم” ليصموا آذان الناس بقرع الدفوف وأنغام آلات الطرب حتى لا يتأثروا بصوت مدافع ومقاتلات الاحتلال.