لطالما تربص الغرب الصليبي الحاقد بالعالم الإسلامي وتكررت هجماته دون طائل، بل ما زادت هجماته العالم الإسلامي إلا صلابة وضراوة و شدة، فما لبثوا أن أبدلوا الخطط والشراك للإيقاع به.
وانتهى بهم الأمر إلى أشد الغزو نكاية بالعالم الإسلامي، وأبلغه افتراسا، وأشده خطرا ذلكم هو: “التبشير” والتبشير ليس معناه اقتصار فئة من الرهبان والقساوسة على الدعوة إلى دينهم من حيث هو عقيدة يسمعها للمرء فيرضاها أو ينكرها فهذا باطل، بل معناه أنه أفتك أسلحة الغزو الأوربي المسيحي، ويراد به إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة العالم الأوربي المسيحي بوسائل خبيثة، من التدسس والتدمير والهدم في كل ناحية من نواحي حياتنا الاجتماعية والسياسية والأدبية، وإخضاع عقل المسلم للعقل الأوربي وطرائق تفكيره، لينشأ في هذا العالم من أبنائه ضرب من المسوخ – بني علمان- يكون عبيدا تذلِّل الطريق لأقدام السادة الطغاة من حيث لا يدي أحدهم أنه عبد مسخر، يعمل في سيادة هذه الحضارة الجديدة على حضارته بل يعمل على هدمها واستئصالها من نفسه ومن نفوس أمته.
وما “استوديو M2″، و”ستار أكاديمي”، و”سوبر ستار”، و”بيج براذر”، و”على الهوا سوا”، و.. والبقية تأتي، تلك هي الموجة الأحدَث من أسلحة التدمير الشامل، التي تمطرنا بها الفضائيات العربية المتعلمنة، أسلحة لا تحتاج إلى من يفتش عنها، فهي معروضة على الملأ، أسلحة ربما لا تقتل أجسادنا؛ لكنها تطمس عقيدتنا، وتدمر أخلاقنا ومجتمعاتنا، وتخرب بيوتنا، وتغتال إنسانيتنا، إنها نوعية جديدة من برامج تسمى “تلفزيون الواقع” زعموا، لجأت إليها الفضائيات العربية لطمس ما تبقى من الحياء واغتيال ما رسب من العفة، بعد أن تقادمت أسلحتها من المسلسلات الدرامية المدبلجة المليئة بالعري، والنخاسة والخيانة والعهر والبغاء، وكل ما نثن ريحه من أخلاق هذا الغرب الحاقد أو المسابقات المزيفة التي تبيع الوهم.
والجانب الأكثر خطورة في تلك البرامج هو القيم المتضمنة أكثر من القيم المنطوقة، فالتسابق نحو الرقص والغناء واللهو مصائب لها سوابق في الدراما والتلفاز العربي، لكن الجديد هو هذا النوع من العلاقة بين الجنسين: علاقة تتحرر من كل قيد شرعي أو سقف عرفي، وتقدَّم إلينا كمُسَلَّمة لا تحتاج إلى نقاش، فليس مطلوبًا منا أن نتساءل بأي حق وبأي شرع يجتمع هؤلاء ويعيشون معًا، بل المطلوب أن نقول من أبدع منهم ومن أجاد!
إنه واقع “تلفزيون الواقع” الذي يجب أن نسلم به ونزيح ما يقف أمامه من عوائق في واقعنا المعاش، فأزياء المشاركين والمشاركات، وقصات شعرهم أصبحت أكثر انتشارًا، والقبلة بين الشباب والفتيات كانت أمرًا مستهجنًا لكنها أصبحت أمرًا عاديًا، وأصبح الوالد لا يرى في ارتباط ابنته بشاب حرج.
فما أثخن وجوه هؤلاء العلمانيين المروجين لمثل هذه البرامج والترَّهات بلا حياء ولا عرق جبين، قاموا باستنساخها من تلفزيونات الغرب بعد أن ملُّوها هناك، وأتوا بها يعرضونها علينا بضاعة مزجاة، لا حبا في الإسلام والمسلمين ولكن حقدا عليهم، ونكاية فيهم وقتلا لما تبقى من القيم والأخلاق لديهم، إنها الهزيمة الداخلية والانفصام في الشخصية المستغربة العلمانية، التي تنظر إلى الغرب على أنه المخلص وتأخذ عنه كل صغيرة وكبيرة إلا في العلم والتقدم فإن البون شاسع، حتى أصبح هذا البلد يتهم من أفراد من دول أخرى بأنه “بلد الشواذ”، و”بلد البغاء”، و”بلد الأقليات المسلمة”.
فهلا سألنا أنفسنا لماذا نرمى بهذا ونتهم به؟!
ولكن وا حسرتاه على المغرب والمغاربة!!
فماذا قدمتم لنا يا بني علمان إلا العار والشنار، وسوء الذكر بين الجيران فلله المشتكى وعليه التكلان