توظيف اللحية في الصحافة العلمانية المغربية إبراهيم بيدون

يهتم دين الإسلام بتطهير روح الفرد المسلم وصقل قلبه من كل خبث ودخن، بحكم أن سير العبد إلى ربه في حياته إنما هو سير بالقلب لا سير بالجسد، لذلك جعل شرط النجاة يوم القيامة القلب السليم، وفي ذلك يقول ربنا جل في علاه: “إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” الشعراء، وقد جعل الله تعالى ميزان التفاضل التقوى، والتقوى من المفردات المرادفة للإيمان، والإيمان قول وعمل، قول وعمل القلب، وقول وعمل الجوارح، وعمل الجوارح يدخل فيه الطاعات والعبادات التي تقوم بها الجوارح أي أعضاء البدن ولا ينفك ذلك عن القلب إذ بالأعمال الصالحة يرتفع الإيمان ويبلغ العبد مقام الإحسان.
ومن ذلك يعلم أن مظهر وهندام المسلم مما اهتم به الشرع الحنيف، إذ وردت الكثير من نصوص الكتاب والسنة في تبيان ما يليق بالمسلم مظهرا وهنداما، مما يدخل في الحفاظ على خصال الفطرة، أو الالتزام بالأدب، أو المحافظة على سنن المرسلين، وجماع ذلك الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي جمع خصال كمال البشرية والعبودية.
لكن قوما من سوء فهمهم وخبث منهجهم حسبوا أن التعامل مع المظهر والهندام مرجعه إلى الحرية الفردية، فأبطلوا حجية كل النصوص الشرعية التي وردت في هذا الباب، وقالوا: “تلك أعراف بدوية، وتقاليد صحراوية عربية”، ولا حرج في الاستهزاء والتنكيت بها، وجعل أصحاب الذقون في المجتمع أصحاب كل الجرائم، فتهمتهم الالتزام بشرائع الدين، وتلك شبهة تلصق بكل المتدينين.
وبناء على ذلك اتخذت جريدة “الأحداث” وبعض المنابر الإعلامية العلمانية الاستهزاء بمظهر وهندام المسلم منهجا في محاربة وتزهيد العباد في التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في مظهره وهندامه، فصوروا للناس أن الذي يلبس الجلباب والقميص متهم بالانتماء لتنظيم القاعدة، ينبغي الحذر منه لعله يحمل تحت جلبابه حزاما ناسفا أو متفجرات خطيرة، وحتى المرأة التي يدّعون الدفاع عن حقوقها تصبح مرمى لسهامهم بمجرد ارتدائها للنقاب أو الحجاب فينعتونها بالدبابة المصفحة تتجول بين المدنيين وترهب الناس الآمنين..
ومن بين التشريعات التي توظفها الصحافة العلمانية في سخريتها من مظهر الملتزم: إعفاء اللحية، فالمطلع على ملحق “من القلب إلى القلب” في جريدة “الأحداث” يجد توظيف اللحية في جرائم تدنيس الشرف متواجد بشكل مقصود، ولو أن الشخص الملتحي لا علاقة له بالجريمة المذكورة، ونفس الأمر بالنسبة لصفحة “الجريمة والعقاب”، وكثيرا ما تسود الأقلام العلمانية مقالات بعنوان كـ: “الدولة الملتحية” و”العلمانية الملتحية” و”اللحى الليبرالية”..، فصار وصف الدولة أو الحكومة بالملتحية ديدن العلماني الذي ينكر وجود الدولة الدينية التي تستند على نصوص الدين وتأصيلات العلماء في بناء صرح الخلافة الإسلامية، وإنكارهم راجع كما هو معلوم إلى مبدأ العلمانية في الكفر بالدين أو فصل الدين عن تأطير الحياة العامة (المجتمع).
لقد صارت اللحية عند العلماني هي رمز التدين عند المسلم، فإذا ما أراد مهاجمة الإسلام هاجم اللحية باعتبارها الرمز، أما المستنُّون بإعفاء لحيتهم فلا يحصرون الدين في لحاهم بل يعتبرونه تشريعا من بين تشريعات الإسلام، لأن هذا المستن يؤمن بكل الكتاب، لا يؤمن ببعضه ويكفر ببعض، إنه يعتبر حسن سيرة الظاهر مرجعه طهر الباطن.
وهذه بعض النقول في الاستهزاء باللحية:
“هكذا بعد قرون على المعركة، التي قادها المنصور الذهبي، يبدو أن المنصور الزغبي، نسبة إلى زغب لحيته..” جمال بدومة أحد أقلام مجلة نيشان “الفرانكفونية” العدد: 128.
وهذا الاشتراكي عبد القادر البنة يقول مستهزئا بالإسلام في مقال له تحت عنوان: “لحيتي..عبوتي”: “يتهمونك -أي اللحية- بالتحجر وأنت مثال في التحرر، تفرضين في إثبات الزنا شروط المستحيل، وتضعين رقاب النساء في ملكية الذكور.. أغسلك بماء زمزم وأرقيك ببخور قندهار..” الأحداث المغربية.
والمقالات المحشوة بالهمز واللمز والاستهزاء بسنة إعفاء اللحية كثيرة في كتب وصحف العلمانيين المتنكرين لشرائع هي أصول الدين، فما بالك بنصوص تهذب سلوك الفرد المسلم خشية أن يغرق في وحل الشهوات والتشبه بمن مسخت فطرهم، فآخوا الكلاب والقطط والبهائم وحملوا شعار: “حمار وبخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *