خطر الإعلام وواجب المسلمين بقلم: أحمد السالمي

قال الله تعالى: “ولتَسمعُنَّ من الذين أوتوا الكتابَ مِنْ قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً”.
إذن هو أذى مسموع, هي حرب كلامية سُتعلَن على أهل الإيمان لتشويه دعوتهم, وتلويث سمعتهم, والتشكيك في سيرتهم وتختلف وسائل هذه الدعاية الدنيئة الموجَّهة من أهل الكتاب والمشركين ـ بعد تناسي جميع خلافاتهم ـ ضد الجماعة المسلمة لإيذائها في سمعتها وفي أعراضها وفي أهدافها وأغراضها ولكن أخطرها على الإطلاق في يومنا هذا: الإعلام.
“فهمة الإعلام اليوم مهمة شاقة جداً, ومسؤوليته مسؤولية ثقيلة جلّى, وأثره في الخير أو في الشر كبير وخطير! وقد أصبح الإعلام لسان الدول, وأسطولها الظافر المدمِّر دون حرب جيوش, ولا قصف مدافع, فلذا توجّهت إليه عنايات دول الغرب والشرق بكل ما يستطيعون, لأنهم بذلك الإعلام الموجَّه: يهدمون ما أرادوا هدمه ويرفعون ما أرادوا رفعه, ويصلون بأقلامهم وأصواتهم إلى كل بعيد وقريب.
والغالب على الإعلام اليوم أنه يخضع لمصلحة مصدره, ولا يعتمد في كثير من الأحيان على الدقة والأمانة ورواية الواقع وحكايته كما هو على حقيقته, بل يعرض كل شيء من منظور مصدره.. باثِّه وكاتبه, فكم نصر ذلك الإعلام باطلاً وخذل حقاً, وزيّف واقعاً, وغرر كبار العقلاء, وضلل أفكار البرآء!
وأكثر من يقع في حبال هذا الإعلام المشؤوم هم المسلمون؛ لأنهم لا يملكون سلطة عليه كما أن بلدانهم لا تفرض قيودا صارمة على ما يستهدف أبناءها، فيقعون فريسة لذلك الإعلام المغترّ المضلِّل الختّال الأثيم.
ولذا كان من أوجب الواجبات على المسلمين في هذا العصر, أن يكون لهم إعلام يمثل سلوكهم الصحيح وأمانتهم المعهودة, ويتحدث عن الوقائع والأحداث بما هي عليه, بشرف الحكمة ونصاعة الحق, وجرأة الأبيّ الأمين, الداعي البصير, الحكيم المسدّد, فينقذ أفكار المسلمين وعقولهم وسلوكهم, من هذه البلابل المضلّلة, والمخازي المدمرة، التي يقذفون بها من كل جانب غُدُوّاً وعَشِيّاً، وفي كل طريق، وعلى كل صحيفة أو موجة أثير.
فقد صار الإعلام علماً قائماً بذاته, له مقوماته وأركانه, ووسائله ورجاله, ودراساته النفسية والسياسية واللفظية والصوتية, والمكانية, والوقتية, فلذا كثيراً ما يُخدع القارئ المسلم, أو المستمع المسلم بما يُلقى إليه من خبر مصقول معسول, وأسلوب ناعم مسموم, وإعلام كاذب مدهون, فيظنه كما كُتب ونُشر, أو كما أُذيع وصوَّر, ويكون المكتوب أو المسموع بعيداً عن الصدق عدواً له, أُريدَ به التضليل أو التدمير أو التحذير أو التذليق”.
ولكن الفرق بين إعلامهم وإعلامنا كالفرق بين الثرى والثريا.
إعلامهم هدّام للنفوس, محّرف للحقائق, مفترٍ على الإسلام وأهله.
ماذا نصنع؟ ربما يتساءل البعض مع مشكلة الإعلام الهدام الذي نعيش نحن المسلمون اليوم تحت وطأته، ماذا تصنع يا مسلم لو انتشر وباء من الأوبئة الصحية الجسدية, تشدد الحصار الدقيق، وتشدد الحراسة حول أهلك وأولادك حتى لا يتسرب هذا الوباء إليكم، وهكذا يفعل المجتمع يتخذ كافة الإجراءات والاحتياطات للقضاء على جراثيم ذلك الوباء، ومد يد العون لمن أصيب به، هكذا فلتفعل يا مسلم، فالوباء انتشرت جراثيمه في سائر أنحاء العالم، هو وباء أخلاقي ومصدروه هم الغربيون العلمانيون، وأثر فينا بسبب غفلتنا.
فها هي مواده السامة الفتاكة المخربة تكاد تكون في كل بيت بعدما استيقظت عيون الشهوة، ونامت عيون البصيرة.
فافعل يا مسلم كما لو كنت تفعل لو رأيت في حوزة أولادك أو نسائك شيئاً من المخدرات، اضرب الحصار حول بيتك وحول أولادك ونسائك، لا تسمح لتلك المواد السامة التي صدرتها العلمانية، لا تسمح لها أن تدخل إلى بيتك.
وإن كان هناك أحد مبتلى قد وصل هذا الوباء إلى بيته فليبادر بالعلاج بالحكمة والموعظة الحسنة والتوجيه الحنون، أما إذا لم ينفع ذلك فعليك بالحزم فلا يجوز لك أن تقف متفرجاً والخطر يهدد بيتك ويهدد أولادك ونساءك، ولكن لا تترك بيتك موحشاً، املأ الفراغ، املأ فراغ أولادك وبناتك بالقنوات الإسلامية الهادفة، فالإعلام أداة بإذاعته وصحافته، هو أداة يمكن استخدامها للبناء ويمكن استخدامها للتدمير، ولكن حتى اليوم يحتكر التفوق في هذه الصناعة الخطرة علمانيوا العالم!.
ولا تكتف بذلك اشغلهم بطلب العلم الشرعي وبذكر الله وقراءة القرآن الكريم وسيرة المصطفى – عليه الصلاة والسلام-، واصبر على نفور أولادك في بادئ الأمر فالتواصي بالحق يحتاج إلى التواصي بالصبر، فاصبر على مهمتك هذه.
فمتى نعمل على تقديم الإعلام الصالح الذي يبني ولا يهدم، ويربي ولا يفسد؟!