لقد ألفنا وتعودنا من التوجه العلماني في التعاطي مع القضايا الإسلامية التهوين والاستخفاف، بل لقد تجرأ الكثير منهم على نفي اعتبار القضية الفلسطينية واسترجاع المسجد الأقصى قضية الأمة (مقال: “آشمن قضية فلسطينية” عز الدين الهادف مجلة “نيشان”) في تحد سافر لمقدسات الأمة الإسلامية، وأما تباكيهم واستنكارهم وشجبهم لما يتعرض له أهل غزة وفلسطين من قتل ومذابح ومجازر فهو من باب الدفاع عن إنسانية المواطن الفلسطيني، أما التواجد الصهيوني عندهم على أرض الأقصى فالأمم المتحدة قد فصلت فيه، وقرارها لا قرار بعده، لأنها أحق بتقرير المصير من الأمم نفسها..
إن العلمانيين يعمدون دائما إلى الطعن في مقومات الهوية لاعتبار الانتماء الكوني عندهم فوق الانتماء الإسلامي، فكم أزكموا أنوفنا وصموا أسماعنا بادعائهم أن قضية فلسطين ليست قضيتنا ولا تعنينا لأنها حرب على الأرض، فلا يحق لكم هذا التباكي عليها خوفا من أن تصنفوا عند من لا يعلم سر فكركم أنكم مؤيدون للهجمة البربرية الصهيونية.
إنكم ترفضون جعلها قضية إسلامية لأنكم تدعون أن الدولة لا تقوم على أسس دينية، فما قولكم إذن في دولة الكيان الصهيوني الذي بنى دولته على أساس ديني؟ فدستوره التلمود (الكيان الصهيوني لا يتوفر على دستور)، وشعاره نجمة داود، واسم دولته “إسرائيل” اسم نبي الله داود عليه السلام، وهي تحاول هدم المسجد الأقصى لإقامة هيكل سليمان، ثم جعل القدس عاصمة لها.
إن الكثير من العلمانيين يدعون للتعايش مع الصهاينة اليهود، بل بعضهم رغم ما يقوم به الكيان الصهيوني من مجازر في غزة يدعوهم ويرحب باستقبالهم، وهذا ما أقدمت عليه شرذمة من العلمانيين الأمازيغ ممثلين في العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان حيث وزعت هذه الجمعية بلاغا صحفيا تقول فيه إنها ترحب بالزيارة المرتقبة للسيدة “تسيبي ليفني” وزيرة خارجية الكيان الصهيوني إلى المغرب في الأيام المقبلة، ووصفت الزيارة المرتقبة بـ”الميمونة”.
لقد بادر التلفزيون المغربي ليلة السبت، ليلة بداية المجزرة الصهيونية على قطاع غزة بإلغاء بث السهرة الغنائية المعتادة، وهو أمر نستحسنه من قناتنا الوطنية، لكن ندين بحسرة إقدام القناتين الأولى والثانية على بث سهرة رأس السنة، رغم ما تعيشه الأمة الإسلامية والشعب المغربي من جو الحزن والألم والأسى على ما يتعرض له أهل غزة من تقتيل وتنكيل وتشريد من العدو الصهيوني، كما تنكر منهج القناتين المبني على أساس الاستهانة بثقافة قيم الهوية والانتماء إلى أمة الإسلام التي بنت وشيدت دولتها بالولاء للإسلام، والبراءة من الشرك وأهله.