النظام الأساسي.. وطوفان الاستعباد د.أحمد الويزة

يعيش المغرب حراكا احتجاجيا تعليميا رافضا لبنود النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التعليم، والذي يعد عند رجال ونساء التعليم مجهزا على الحقوق والمكتسبات ومحولا للمهنة من مهنة الشرف والاحترام إلى مهنة الاستعباد والاهانة.

الخطير في الموضوع هو ما تم تداوله من وثائق تكشف الحقيقة المروعة التي تقول إن هذا النظام الأساسي وضع فلسفته وأعطى توجيهاته وتابع مجريات الحوار حوله صندوق النقد الدولي، هذا الصندوق الذي يعتبر الحاكم الفعلي في العالم، حيث يقدم القروض الربوية وفق شروط يمليها على الدول المقترضة فيتدخل في كل مجالاتها ويقترح بل ويفرض عليها إجراءات في مجال التوظيف والسياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة وهلم جرا.

وهذا الأمر الذي تؤكده الوثائق المتداولة وتعبر عنه تصريحات المهتمين والمختصين والمحللين، يعطى بلا شك صورة سيئة عن مستوى التدخل في شؤون الوطن وينزع عنه الاستقلالية التي يدعيها السياسيون ومدبرو شؤون البلد.

فحن إذن أمام نظام أساسي يهم أخطر قطاع في الدول، وهو قطاع التعليم، الذي يعتبر الحاضر والمستقبل لكل وطن وشعب، ليقرر في مصيره آخرون معروف عنهم بشاعة الاستغلال والاستعباد، نحن أمام نظام أساسي ينظم مهنة التعليم ويرهنها لعقود في بلد له هويته وقيمه وخصوصياته، لكن فلسفته يضعها من يسعى في تدمير كل هذه المقومات، وللأسف يجد من يتماهى معه في ذلك، من بعض المسؤولين الذين لا تمهم إلا مصالحهم الشخصية وإن كانوا يتحدثون باسم الوطن مكرا وخداعا.

إن هذا النظام الخاص بالتعليم، والذي يسميه الأساتذة بنظام المآسي لا يضر برجال المهنة بقدر ما يضر بالمنظومة كلها وبالوطن كله، وهو لا يخرج عن ترسانة من الإجراءات التي ستأتي تباعا لتجهز على ما تبقى من كرامة وهوية وخصوصية الشعوب الإسلامية، وأقصد بذلك ما تفرضه الأمم المتحدة عبر مؤسساتها وأذرعها المزروعة في كل بلد ووسط كل شعب، فلئن قدر لأزمة التعليم ونظامه الأساسي أن تنهي، فإننا في انتظار مدونة الأسرة ومدونة التشريع الجنائي، والتي هي الأخرى تعدل وفق أوامر وتعليمات المنظمات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي.

إن كل هذه الجلبة والرجّة في تغيير الأنظمة الأساسية والقوانين الجنائية والنظم الاجتماعية والبرامج التعليمية والتي وضع لها سقف زمني تحدث عنه في مقالات سابقة وبالخصوص سنة 2030، تكشف لنا حجم الهوان الذي نعيشه كأمة عربية وإسلامية فقدت كرامتها وهيبتها وعزتها، وأصبحت ذليلة خاضعة تملى عليها الإجراءات وتفرض عليه القرارات حتى في أشد المجالات حساسية وخصوصية، كما وقع في أمر الشؤون الإسلامية ومقرراتها وبرامجها الدينية فيما يسمى بإصلاح الشأن الديني.

إن ما يقع ويجري من هزة أصابت قطاع التعليم ليس إلا الورقة التي تخفي طوفان الاستعباد والاستغلال والقهر المفروض على الشعوب المسلمة والتي بيعت بالتقسيط للمؤسسات المانحة وللبنك الدولي وصندوق النقد للأسف، وهي حال لن تخرج منها الأمة إلا بتطبيق وصية نبيها عليه الصلاة السلام “حتى ترجعوا إلى دينكم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *