رحلتي إلى الإسلام حوار مع الملاكم الألماني بطل ألمانيا Pierre Vogel الحلقة الأخيرة الحوار أجراه: إبراهيم أنفلوس، باحث جامعي

وعدت جريدة السبيل قراءها في العدد الماضي بمواصلة الحوار مع صلاح الدين (Pierre Vogel) -بطل ألمانيا في الملاكمة- الذي أعلن إسلامه، حول نظرة الغرب إلى الإسلام والحجاب، فإلى الجزء الثاني من الحوار.

قال صلاح الدين: ..صليت تحية المسجد ثم جاءني مغربي فقال لي أأنت المسلم الوحيد في أسرتك؟ فاحترت في الإجابة، وفكرت قليلا، ثم قلت في نفسي:
هذه هي اللحظة المناسبة لإعلان إسلامي، ثم أجبت قائلا: نعم أنا المسلم الوحيد في أسرتي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
وهو لا يعرف إلى الآن أني ما أسلمت إلا تلك اللحظة هكذا أسلمت والحمد لله.
قبل الإسلام كانت تتخلل حياتي دائما أوقات أشعر فيها بالملل، فكل يوم أفكر ماذا سأفعل، وأما الآن فإني أضع كل يوم أشياء كثيرة لأحققها.
فلا يبقى لها الوقت -سبحان الله- ولا أشعر بالملل أبدا، وبعد إسلامي قررت تغيير حياتي فتزوجت بعد أقل من سنة حتى أبتعد عن المحرمات.
وزوجتي مغربية من مراكش ولدي معها طفلان، وأستطيع أن أقول: بصراحة إني جربت العيش قبل الإسلام بكل ما فيه من أموال ومتاع ولذات ومراقص.
وجربت العيش في كنف الإسلام فأصبحت أعيش في سعادة كبيرة واطمئنان دائم، وكثير من المسلمين مع الأسف يظنون أن الكفار في بلاد الغرب يعيشون في السعادة بما لديهم من أموال وشهرة ومتاع، أنا أقول لهم: صدقوني فأنا أعرف حياتهم جيدا لأنني كنت أعيش مثلهم: إنهم يعيشون في ضيق وشقاء، تماما كما قال الله تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً”، كنت أظن تلك الحياة عادية قبل الإسلام، لكن بعد الإسلام عرفت مذاق تلك الحياة، وقارنتها بما أعيشه اليوم فلا مقارنة، فالمسلم عنده رجاء ينتظره هو أن يلقى الله ويدخل الجنة، لكن الكافر ليس عنده شيء، بل يعيش بلا هدف، مثل رجل أعمى، والله تعالى يقول: “مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً”، وطبعا هذه الحياة الطيبة لا تقاس بالأموال والماديات.
السبيل: كيف ترى الإسلام في أوروبا؟
الإسلام في أوروبا تمثله أولا الجاليات من تركيا وفلسطين والبوسنة والمغرب العربي، وفي ألمانيا أكثرهم من تركيا، ثم الذين يسلمون من أبناء أوروبا، ومشكلة الإسلام هناك أن كثيرا من هؤلاء الجاليات يخافون من دعوتهم إلى الإسلام، بل كثير منهم يحاولون التشبه بالأوروبيين.
وأنا أرى أنه لا داعي لذلك خاصة في ألمانيا، فهناك حرية الديانة تستطيع أن تقول كل شيء، نحن مثلا نستأجر قاعات ونستقبل الناس ثم ندعوهم إلى الإسلام ونبين لهم خطورة الكفر ولا مشكلة، ووقعت عندنا حادثة وهي أن ألمانياً وهو مدير مدرسة كان قد منع الحجاب في المدرسة، فرفعنا به دعوى في المحكمة فحكموا أنه لا يجوز له أن يتخذ هذا القرار، نعم كثير من الكفار يحاولون تدمير الإسلام ومنعه، لكن الحرية تخول لك أن تقول كل شيء، خاصة أن الإسلام لا يدعو إلا للخصال الحسنة، كصلة الرحمة وإقامة الصلاة، وتحريم الخمر، وهم يعانون من أضرار الخمر كثيرا، فالمستشفيات مليئة بضحايا الخمر 50000 ألفا يموتون كل سنة في ألمانيا بسبب الخمر، و150000 بسبب الدخان، وإذا قلنا نحن: إن الخمر والدخان حرام فرحوا لذلك. فالمقصود أن الجاليات هناك ليس عندهم نشاط في الدعوة، ولذلك فالمشكلة الكبيرة أن كثيرا من الشباب الذين ينشئون في أوروبا لا يعرفون كثيرا عن الإسلام.
وفي بعض الأحيان تجد المسلم الجديد يتمسك بالإسلام أكثر ممن هو مسلم أصلا، لماذا؟ لأنه يعرف الفرق.
ومع ذلك والحمد لله فالإسلام ينتشر ويزداد كل يوم، فجريدة Frankfurter Allgemeine ذكرت أنه في سنة 2004 أسلم ألف من الألمان، وفي 2005 أسلم 4000 ألماني، مما يبين قوة الإسلام، وفي 2006 أسلم 14000 ألف، فهذا مما يبين أن المستقل للإسلام هناك، لكنهم فطنوا لذلك، فبدؤوا يضايقون الإسلام فيجبرون الأطفال في المدارس على حضور دروس النصرانية، ويمكن أن يقدموا على منع الحجاب وغير ذلك. لكن المشكلة في المسلمين، فغالبهم يخافون من أن يقولوا: للكافر: أسلم حتى لا تلقى في النار.
وهناك بعض الإحصائيات تقول: إن الإسلام سنة 2050 سيغلب على ألمانيا، لأن المسلمين ينجبون والكفار لا ينجبون.
السبيل: ذكرت المضايقات في ألمانيا على الأطفال في المدارس، أليست لديكم مدارس إسلامية؟
هذا مشكل كبيرة، فألمانيا لا أعرف فيها إلا مدرسة إسلامية واحدة، أما روض الأطفال فهي قليلة جدا، وهذا راجع إلى ضعف تحركات المسلمين في هذا الجانب، أما بالنسبة للكبار فهناك بعض الحرية، فزوجتي تعرف طالبة من تونس جاءت إلى الجامعة في ألمانيا لتدرس الهندسة ثم تحجبت هناك وقبل ذلك تخوفت من المنع، فلما سألت المسؤول قال لها: ليس هناك أي مانع في هذا.
لكن الذي أريد أن أوصله إلى المسلمين هو أن يعتزوا بإسلامهم ويظهروه خاصة أمام الذين ليسوا مسلمين، فكثير منهم يأتي بعقدة الإحساس بالنقص وأنني في دولة متقدمة لابد أن أتكيف وأنسجم مع هؤلاء، فلا يظهر دينه وهذا خطأ كبير يحطم من معنويات الآخرين، ولا يشجع على الإسلام.
السبيل: ما نصيحتك لإخوانك الجدد؟
أقول لإخواني سواء الذين أسلموا حديثا أو المسلمين أصلا: اقرؤوا عن دينكم وتعلموه، فالله تعالى يقول: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء”، وأول كلمة نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ”، فأول شيء يبدأ به المسلم أو المسلمة أن يقرأ ويطلب العلم، وأن يقرؤوا القرآن كثيرا، فأنا أستغرب وأتأسف لكثير من المسلمين ما سبق له أن ختم القرآن ولا مرة واحدة، فقراءة القرآن تساعد على العمل، فأنت إذا قرأت “الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” تتساءل هل أنا ممن يقيم الصلاة ويؤمن بالغيب وينفق مما رزقه الله، أو قوله تعالى في وصف المحسنين: “كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وبالأسْحَارِ هُم يَستَغفِرُون” تتساءل هل أنا من هؤلاء المحسنين، فلابد من قراءة القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم للتمكن من العمل بهما.
أما بخصوص المسلمين الجدد في بلاد أوروبا وغيرها أنصحهم ألا يخجلوا أن يقولوا: نحن مسلمون، فأين المشكل في إظهارك لإسلامك.
نصيحة أخرى وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرا فليغره”، فلابد أن نتكلم مع الناس وننصحهم لأن كثيرا منهم عندهم قابلية، فقط يحتاج إلى تشجيع، مثلا إذا كنت في طريقك إلى المسجد تتكلم مع أحد من تجدهم في طريقك ممن لا يصلون، فتقول له برفق وبالتي هي أحسن: يا أخي ما الذي يمنعك من أن تصلي هل تحتاج إلى مساعدة، وتأخذ بيده بالتي هي أحسن لا تعنف عليه، ولا تحتقره ولا تقنطه وتبين له مكانة الصلاة وخطورة تركها، بأسلوب جميل، وتبين له أنك تحب له الخير، فهذا الذي يجب أن يقوم به المسلمون، ولابد أن نستحضر في كل نصيحة أننا نريد للناس الخير لا نريد أن نشتمهم ولا أن ندمرهم ولا أن نحتقرهم أوننتقص منهم، هذا هو الأمر بالمعروف، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أو يعمكم الله بغضب منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم”.اهـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *