لماذا اخترنا الملف؟
يشكل تعديل مدونة الأسرة النقاش الأكثر حدة في الفضاء العمومي المغربي، بسبب فرض آراء دخيلة على الثقافة المغربية.
لا تؤكد هذه الآراء صدق وحسن نية حامليها في رغبتهم أن يكون للأسرة الاستقرار المنشود، بل على العكس من ذلك يريدون استنساخ تجارب غربية في تدبير المجال الأسري أثبتت مؤشرات الانحطاط الأخلاقي العام بالغرب نتيجة هذا الطريق.
لكن لا يستند العلمانيون فيما يطرحونه بمناسبة النقاش حول تعديل مدونة الأسرة، خاصة حول الإرث والحرية الجنسية والولاية والنسب واقتسام أموال الزوجية، إلى مرجعية ضاربة في الحضارة المغربية الإسلامية، بل باسم مصلحة المرأة والطفل يقوم بالدعاية لأكبر لوبي غربي يريد تخريب البشرية وقطع النسل، تحت مسميات ناعمة أحيانا يسميها حقوق الإنسان وأحيانا قيم الأنوار والحداثة.
ما يجب على القارئ أن ينتبه له هو أن النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة ليست كل أطرافه بريئة، وإن صح القول كل أطرافه بريئة باستثناء طرف وحيد يضع فمه الذي يعبر به بالمغرب وصحفه وإعلامه وعقله مستلب بالكامل للغرب. ولا يجد حرجا في أن يلعب دور بوق الدعاية لتيارات التهتك والانحراف والتوحش التي خربت الغرب من الداخل وضيعته في القيم والأخلاق العامة، وما حجم الجرائم والانتحار المسجلة هناك إلا الجزء الظاهر من أزمة ستدمر المجتمع الغربي لا محالة.
وفي سياق آخر، لابد من التذكير بأن الملك محمد السادس لم يترك للجنة المكلفة بصياغة مضامين التعديل المجال للاجتهاد في حدود المراجعة، بل وضّح بما لا يضع مجالا للتأويل كل حدود هذا التعديل، خاصة لما أكد أنه بصفته أميرا للمؤمنين “لن يحل ما حرمه الله ولن يحرم ما حله الله”. إلا أن هناك فعاليات مغربية حقوقية وحزبية ومدنية وإعلامية، ما زالت مستمرة في مخالفتها لهذا التوجه الأصيل في تعديل المدونة، عبر ترديد هذه الفعاليات للمطالب الغريبة على الشعب المغربي، خاصة ما يتعلق بالحريات الجنسية وحقوق المرأة والطفل بما يؤدي لتخريب الأسرة وتدميرها.