بلع فريق هوايته المهاجمة والتشهير بالإسلاميين لسانه عقب فضيحة “إسكوبار الصحراء”.. ولم يعد يسمع له صوت في الآونة الأخيرة إلا عند ذكر استحضار “قرينة البراءة” للمتهمين..
نعم؛ ونحن نستحضر أيضا هاته القرينة ونؤكد عليها، لكن إزاء ذلك نتساءل أيضا: لماذا لم يتم استحضار ذات القرينة حين كان “الإسلاميون” في دائرة الاتهام؟
لا أظن أن الجواب قد يخفى عن عاقل أو متابع للسجال المجتمعي في المغرب وخارجه أيضا..
فالمتهمون اليوم قياديون من الدرجة الأولى بحزب “البام”، الذي كانت له في وقت سابق مجموعة إعلامية كبرى بتمويل إماراتي، لم تدع فرصة للنيل من خصومها، بحق أو بغير وجه حق إلا واهتبلتها، لتنصب محاكم التفتيش، وتصدر الأحكام حتى قبل أن ينطق بها القضاء، وتجلد بألسنة حداد، دون سبب ولا برهان، من تكنّ لهم مشاعر الحقد والكراهية..
لقد تفجرت قضية “البارون المالي”، في وقت تمكن فيه أتباعه وشركاؤه من التربع على المشهد في عدة أصعد، تجسيدا لأبشع صورة للفساد تحت غطاء سياسي واقتصادي ورياضي، وفني، وإعلامي، فاضحة هذا الطابور الخامس الذي بلع لسانه، وتوقف عن الكلام، وتعطل قلمه عن الكتابة.
وفي قمة التمويه للعمل الإجرامي، وفي واقعة غير مسبوقة في الساحة السياسية الوطنية، تكشفت خيوط عصابة البارون المالي، والذي لقبته صحيفة فرنسية كان لها السبق في نشر أولى إرهاصات هذه القضية بـ “إسكوبار الصحراء”، التي تفجرت نهاية السنة الماضية، عندما أصدرت النيابة العامة قرارا بإيقاف البرلماني ورئيس نادي الوداد الرياضي سعيد الناصري، وكذا البرلماني ورئيس جهة الشرق، عبد النبي بعيوي، المنتميان لحزب الأصالة والمعاصرة، وشخصيات وازنة أخرى للتحقيق معهما، بتهم عدة من بينها “ترويج مخدرات” و”تبييض أموال”.
تفجرت قضية “البارون المالي”، كاشفة عن الليالي الملاح التي كانت تنظمها عصابة المخدرات في “فيلا” فاخرة يمتلكها أحمد بنبراهيم، واستولى عليها من بعده الناصري أحد المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، وما تكشف من كواليس هذه القضية عن الشخصيات التي كانت تشارك وتحضر، وحالة الرعب والفزع، التي أحدثها تلغيم هذا المكان بكاميرات المراقبة، لتصوير من يحضر، وهو في أوضاع يخجل أن تعلن إلى الرأي العام، تستعملها العصابة كأوراق ضغط عند الحاجة.
كما لم تكتف التحقيقات بكشف خلط السياسة بالعمليات المشبوهة والفساد، التي كان يتزعمها المواطن المالي “الحاج بنبراهيم” الذي يقبع حاليا في سجن مدينة الجديدة، ومساعديه الناصيري وبعيوي، وغيرهما، ولكنها كشفت إغداق المال الكثير على أنشطة مختلفة، لمصالح متنوعة.
وكمثال على ذلك في سنة 2013، تم تمويل مهرجان بمبلغ 150 مليون سنتيم في زاكورة، وتمويل حملة انتخابية سابقة لأوانها بالمنطقة لفائدة الناصري عن طريق تقديم هبات وهدايا لبعض الأشخاص، وتزويد المهرجان بسيارات رباعية الدفع من فئة “رونج روفر”.
صمت غريب يصعب على المرء فهمه واستيعابه، لكن هؤلاء المرتزقة لا تحكمهم مبادئ ولا قيم، توجب عليهم فضح هؤلاء الأباطرة من المجرمين، وتعرية سلوكيات الانتهازيين الفاسدين، إنما تحكمهم براغماتية إسقاط كل ما هو إسلامي، أما الفساد والإجرام، والموبقات فهي من ضريبة حداثتهم المزعومة، إنه تلبيس شيطاني جعل هؤلاء الشرذمة يدخلون في سبات عميق وغيبوبة كبرى، إما ترغيبا أو ترهيبا، وما يزال مسار البحث والتحقيق يفضح أمورا أكبر وأخطر، ستسفر عن وجه أقبح لهؤلاء المرتزقة..