إلى المدافعين عن طائفة “عبدة الشيطان” محمد أبو الفتح

إنه لمن عجائب هذا الزمان الذي لا تكاد تنقضي عجائبه، أن يتبجح قوم بعبادة الشيطان، ويجاهروا بالانتساب إليه صراحة، من غير تعريض ولا كناية، مخالفين بذلك وصية ربهم وعهده إليهم، حين قال: “أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ” (يس)، قال ناصر السعدي: (“أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ”، أي: آمركم وأوصيكم على ألسنة رسلي.. “أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ” أي لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له” اهـ.
ومن المعلوم أن الشيطان قد أضلَّ خلقا كثيرا كما قال تعالى في تتمة الآيات: “وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ” (يس)، غرهم وخدعهم كما خدع أبويهم من قبل، ولذلك قال الله تعالى موصيا عباده بعد أن قصَّ عليهم قصة آدم مع إبليس: “يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ، يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ، إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ” (الأعراف)، وقال عز وجل مرشدا عباده: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور” (فاطر)، قال ابن عباس: “الغَرور: الشيطان”، وحذرهم سبحانه من موالاته فقال: “أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً” (الكهف)، وأمرهم بمعاداته فقال: “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ” (فاطر)، وأخبرهم أنه يخدعهم بالوعود الكاذبة فقال: “يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً” (النساء)، وأنه يوم القيامة يتبرأ منهم إن هم اتبعوه فقال: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (إبراهيم)، قال قتادة: (“مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ”: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي)، ومع ذلك كلّه فإن أكثر الناس تابعوه وانخدعوا به وهم لا يعلمون، واستزلهم عن السبيل من حيث لا يشعرون؛ إلا طائفة “عبدة الشيطان”، فإنهم عبدوه عن قصد، وتقحموا النار على بصيرة؛ وأما المشركون الأولون فقد زين لهم الشيطان عبادة الأصنام بذريعة أنها وسائط بينهم وبين الله، كما يدل على ذلك قوله تعالى: “أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى” (الزمر)، ولم يكونوا يشعرون أنهم يعبدون شيطانا، كما قال تعالى: “إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً” (النساء)، وقال إبراهيم لأبيه آزر وكان يعبد الأصنام: “يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً” (مريم)، وكما أضل الشيطان هؤلاء المشركين فإنه لبَّس على كثير من خلق الله حتى ظنوا أنهم يحسنون صنعا: ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً” (الكهف).
ولست أدري ورب السماء أيهما أعجب من الآخر: أهذه الطائفة الحمقاء الخرقاء، أم طائفة أخرى نصبت نفسها للدفاع عنها تحت ستار حقوق الإنسان وحرية الآراء؟!! غافلين أو متغافلين عن خطورة هذه الطائفة -التي ذهب ضحيتها شباب في أعمار الزهور- على أمن البلاد واستقرارها، جاهلين أو متجاهلين أن عقيدة هذه الطائفة ليست أقلَّ خطرا من عقيدة التكفير والإرهاب، وأنها تنطبق عليها تهمة: “زعزعة عقيدة المسلم”، ليس هذا فحسب، بل تهمة “زعزعة أمن البلاد”، فإن لهذه الطائفة كتابا مقدسا عندهم يسمونه “الإنجيل الأسود” من تأليف “ليفي” اليهودي الأصل ومؤسس كنيسة الشيطان، ومن أحكامه وتشريعاته التي وردت في نص الإصحاح الثامن منه: “اقتل ما رغبت في ذلك، امنع البقرة من إدرار اللبن، اجعل الآخرين غير قادرين على الإنجاب، اقتل الأجنة في بطون أمهاتهم، اشربوا دم الصغار واصنعوا منه حساء، اخبزوا في الأفران لحومهم، اصنعوا من عظامهم أدوات للتعذيب”، وفي الإصحاح السابع من الكتاب نفسه: “ارتبط مع من تحب منتشياً بحسب رغبتك، وعاضد الشيطان، ولا تتقيد في رغباتك بأحكام البشر والقوانين”.
وقد ثبت عن هذه الطائفة، أنهم يقتلون القطط والكلاب عوض الأطفال في انتظار أن تقوى شوكتهم، ويتيسر لهم مقصودهم (انظر الحوار الذي أجرته جريدة المساء مع إحدى عناصر الطائفة العدد: 493 بتاريخ: 19-20/04/2008)، فلا أدري هل ينتظر المدافعون عنهم من العَلمانيين أن يُترجم “عبدة الشيطان” عقائدهم إلى أفعال؟! وهل يرضى أحدهم لأبنائه وفلذات كبده أن يكونوا ضحايا لهذه الطائفة؟؟ أم هي الخيانة لله ورسوله ولأئمة المسلمين، والخيانة للشعب والوطن؟!
فالظن بكل مسؤول عاقل أن يفعل ما بوسعه في محاربة هذه الطائفة قبل أن يفوت الأوان، ويتسع الخرق على الراقع، فإنها إذا أطلق لها العنان انتشرت في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم؛ وذلك لأنها تتخذ من الإباحية المطلقة وسيلة لاصطياد الشباب الباحث عن إشباع شهواته، والمتلهف لقضاء نزواته.
فاللهَ اللهَ في شباب الإسلام فإنهم مستقبل البلاد وحاضرُها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *