بين نسوة دور القرآن ونسوة “سيداو”

في الوقت الذي أقدم فيه المغرب على سحب التحفظات التي كان اتخذها جراء التوقيع على اتفاقية محاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تسمى باتفاقية “سيداو”، وهو ما خلف فرحا كبيرا في صفوف العلمانيين والحركات النسوية الحداثية باعتبار ذلك فتحا في مجال المساواة بين الرجل والمرأة حسب المبادئ العلمانية، ورغم أن سحب تلك التحفظات يتعارض مع الدستور المغربي ومع الكثير من القوانين المعمول بها في المغرب. يتساءل النسوة اللواتي كن يستفدن من أنشطة وبرامج الجمعيات القرآنية التي أغلقت الدولة دور قرآنها وجمدت أنشطتها هل سيتم سحب والتراجع عن قرار إغلاق تلك الدور، أم أن بنود اتفاقية “سيداو” لم تتطرق لحق المرأة المسلمة في حفظ كتاب الله عز وجل ووضع لباس عفتها؟

لقد صار من المعلوم أن المشروع الحداثي الذي يراد للمغرب الانخراط فيه، هو مشروع يقدس الحريات المبنية على القيم الغربية، وفي المقابل يضيق على أشكال التدين الأصيل ولا يدخلها في خانة الحريات الفردية باعتبار أنها قائمة على فهم حرفي للنصوص لا يتماشى وتطور العصر الذي صار فيه الانفتاح على الآخر حسب أدعياء العلمانية والحداثة هو ترك قيمك وإسلاس القياد لقيمه ومبادئه.
إن هذا الكلام ليس من قبيل المزايدة وإنما يشهد له ما تعانيه المرأة المحتجبة والمنتقبة من مضايقات في الأماكن العمومية والبعض الإدارات كان آخرها ما تعرضت له الموظفات المحجبات في إدارة السجون حيث أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قرارًا في صيغة مذكرة يمنع ارتداء الحجاب في هذا المرفق العمومي بدعوى الحرص “على أن تكون مكونات الزي الرسمي مطابقة للقواعد المتعلقة به، وعدم مزجه بأي لباسٍ يتنافى والضوابط المعمول بها من قبيل وضع المنديل فوق الرأس أو ارتداء أحذية مغايرة من حيث الشكل أو اللون”، مما يؤكد أن نساء “سيداو” لا يمثلن نساء المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *