لم يَعُدْ الاحتلال اليهودي يخفى على ذي عين، ابتداءً بالتهجير اليهودي، وانتهاءً بالاحتلال الغاشم! إلاَّ أنَّنا آثرنا الحديثَ عن ذلك باختصارٍ، وذكرِ نبذةٍ تاريخيةٍ موجزةٍ إتماماً للفائدةِ، وربطاً لمضمونِ الملف.
مما لا شك فيه أن التاريخ سيظل يذكر للسلطان عبد الحميد رحمه الله وقفته الرائعة والحاسمة من مسألة بيع أرض فلسطين لليهود حين طلبوا منه ذلك عام 1896م وعرضوا عليه المبالغ الطائلة في وقت كانت الدولة في أشد الحاجة إلى المال، فقال لهم رحمه الله: “..لا أقدر أن أبيع ولو قدمـًا واحدة من البلاد؛ لأنها ليست لي، بل لشعبي، لقد حصل شعبي على هذه الإمبراطورية بإراقة دمائهم، وقد غذوها فيما بعد بدمائهم وسوف نغذيها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها منا.. ليحتفظ اليهود ببلايينهم، فإذا قسمت الإمبراطورية؛ فقد يحصل اليهود على فلسطين دون مقابل، إنما لن تقسم إلا على جثثنا، ولن أقبل بتشريحنا لأي غرض كان”.
1908 قدم الوزير البريطاني الصهيوني “هربرت صاموئيل” مذكرة اقترح فيها تأسيس دولة يهودية في فلسطين تحت إشراف بريطانيا.
1917 صدر تصريح بلفور، بالنص الذي أرسله “جمس آرثر بلفور” وزير خارجية بريطانيا إلى “اللورد روتشيلد” أحد زعماء اليهود الصهيونيين، وتضمنت الرسالة وعد من جلالة الملك بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
يعتبر وعد “بلفور” من أغرب الوثائق الدولية في التاريخ إذ منحت بموجبها دولة استعمارية (بريطانيا) أرضا لا تملكها (فلسطين) إلى جماعة لا تستحقها (اليهود).
1918 صادقت فرنسا وإيطاليا على هذا التصريح.
1919 أعلنت أمريكا موافقتها الرسمية ثم تبعتها اليابان.
1920 وضعت عصبة الأمم فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وسارعت الحكومة البريطانية فورا بفتح الهجرة لليهود الذين يرغبوا في الاستقرار في فلسطين.
1922 صدرت وثيقة صك الانتداب عن عصبة الأمم، تضمنت مقدمة الصك نص تصريح بلفور ومصادقة عصبة الأمم على انتداب بريطانيا لفلسطين.. وفي مواد النص العديد من الدعوات لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد اعتبر الصهاينة النص بمثابة مصادقة دولية على وعد بلفور، ذلك أن الوعد كان بريطانيا أما الصك فكان دوليا.
1929 قام بعض الشباب اليهود عند حائط البراق أو حائط المبكى كما يسميه اليهود بإنشاد النشيد اليهودي وبرفع العلم الصهيوني، ونفخوا في الأبواق مدعين أن هذا الحائط هو من حقهم وادعوا أنه جزء من هيكل سليمان، وانفجرت بذلك ثورة فلسطينية امتدت إلى كل أرجاء فلسطين عرفت بثورة البراق، شكلت عصبة الأمم لجنة للتحقيق أقرت هذه اللجنة بعد دراسة مكثفة ملكية المسلمين لهذا الحائط.
1931 و1936 ازدادت الهجرات اليهودية، وازداد تدفق السلاح على الجماعات اليهودية، إضافة إلى أن سلطة الانتداب البريطاني سمحت لهم بإنشاء معسكرات للتدريب.. كل هذه العوامل دفعت قادة الحركة الوطنية الفلسطينية إلى عقد عدة اجتماعات قرروا فيها إعلان الإضراب العام من أجل دفع بريطانيا بوقف الهجرات اليهودية ومنح فلسطين الاستقلال، لجأت بريطانية إلى أساليب وحشية حيث منعت التجول ونسفت البيوت وزجت بالوطنيين في السجون، إلا أن الإضراب استمر، وما ميز هذا الإضراب أنه أكبر إضراب في تاريخ فلسطين وربما في تاريخ نضال الشعوب، حيث امتد لمدة ستة أشهر واشتركت فيه كافة الأحزاب.
1936 دعت بريطانية إلى مؤتمر عقد في لندن اجتمعت فيه بريطانيا بوفود من الدول العربية وفلسطين وبالوفد الصهيوني كل على حده لكن المؤتمر فشل.. وأصدرت بريطانيا عقب انتهاء المؤتمر الكتاب الأبيض لسنة 1939، ومن أهم بنوده أنه حدد الهجرة اليهودية بخمسة وسبعين ألف مهاجر خلال الخمس سنوات التالية، وأقامت حكما ذاتيا للفلسطينيين خلال عشرة سنوات، وتمسك الكتاب الأبيض بمبدأ تصريح وعد بلفور، رفض الفلسطينيون الكتاب كما رفضه اليهود.
1937 اقترحت بريطانيا إقامة دولة عربية وأخرى يهودية منفصلتين، هذا الإقتراح قبل من طرف اليهود ورفض من قبل العرب، وهو ما يعني إنشاء الكيان الصهيوني.
1947 دعم المشروع البريطاني للتقسيم من قبل الأمم المتّحدة.
1948 أنهت بريطانيا انتدابها على فلسطين، وأعلن فورها مباشرة قيام دولة الكيان الصهيوني، وعين “ديفيد بن جوريون” رئيسا للوزراء، أرسلت الدول العربية المجاورة قواتها المسلحة لسحق إسرائيل لكنها فشلت.
وفي نفس السنة قامت عصابات الأرغون و شتيرن باغتيال “ألكونت برنادوت” الذي اختير من قبل الأمم المتحدة كوسيط دولي لحل النزاع بين العرب و اليهود، دعا “برنادوت” إلى وقف الهجرة اليهودية وبإقامة دولتين واحدة للعرب وأخرى لليهود.. الأمر الذي دفع اليهود إلى اغتياله .
1949 تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، شهدت هذه السنة سيطرت الكيان الصهيوني على أراضي فلسطينية واسعة أكثر مما حدده قرار التقسيم، وأصبحت الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية، في حين أصبح قطاع غزة تحت السيطرة المصرية.
1962 فتح باب الهجرة لليهود بشكل واسع، فوصل عدد المهاجرين حوالي 2 مليون مهاجر من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين، وتم تهجير مئات الآلاف من السكّان العرب من الأرض الفلسطينية التي احتلها الكيان الصهيوني إلى البلدان المجاورة، مثل الأردن ولبنان وسوريا..
1967 قام الصهيوني باحتلال الضفة الغربية من نهر الأردن التي كانت في ذلك الحين جزء من الأردن، كما احتلت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية و هضبة الجولان السورية بالاضافة إلى مناطق أردنية أخرى في الشمال، وعرفت هذه الحرب باسم حرب الأيام الستة، ودخلت القاموس الفلسطيني باسم النكسة.
وفي نفس السنة صدر عن مجلس الأمن القرار 242 الذي يدعو الكيان الصهيوني إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلها كما يدعو الدول العربية إلى الاعتراف به.
1987 وحتى 1993 قام الفلسطينيون بقومة جماهيرية عامة عرفت بإسم الإنتفاضة الأولى أو إنتفاضة أطفال الحجارة، كانت هذه الإنتفاضة سببا في نشوء ضغوط دولية على الكيان الصهيوني.
1988 قامت الحكومة الأردنية بناء على توجيهات من الملك الأردني حسين بن طلال بإتخاذ سلسلة من الاجراءات التي اعتبرت إعادة تعريف للوضع القانوني للضفة الغربية بالنسبة للأردن، فلم تعد الضفة الغربية جزء من الأردن تحت الإحتلال، واصطلح على هذه الخطوات بتسميتها “فك الإرتباط”.
1994 كان قيام حكم ذاتي فلسطيني محدود في غزة ومناطق معينة من الضفة الغربية.
1996 أقيمت انتخابات رئاسية فاز بها ياسر عرفات على منافسته الوحيدة سميحة خليل.
1997 تم الإتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني على ما عرف باسم إتفاق الخليل، الذي ترتب عليه إنسحاب القوات الصهيونية من مناطق مأهولة بالفلسطينيين وبقاء مناطق تحت السيطرة الصهيونية في البلدة القديمة والطرق المؤدية إليها.
2000 كانت بداية انتفاضة الأقصى كردة فعل شعبية على دخول أرئيل شارون أحد باحات المسجد الاقصى المبارك.
2002 بدأت الحكومة الصهيونية ببناء جدار فاصل داخل الضفة الغربية، زاعمة بأن الهدف من بناه هو حماية مواطنيها من “الهجمات الإرهابية” والحفاظ على أمنها.
2005 استلم محمود عباس أبو مازن منصب الرئاسة للسلطة الوطنية الفلسطينية بعد وفاة ياسر عرفات في ظروف غامضة.
2006 أقيمت الانتخابات التشريعة الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أسفرت عن نجاح حركة حماس بالأغلبية النيابية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما اعتبر تغييرا كبيرا على الخارطة السياسية الفلسطينية، وتعرض الفلسطينيون بعدها لضغوط دولية تمثلت في تغيير سياسة الدول المانحة في تحويلها للأموال للسلطة الوطنية الفلسطينية أو إيقافها تماما مما أدى إلى ضائقة مالية خانقة تعرضت لها مؤسسات السلطة، كما ظهرت خلافات داخلية عدّة تطورت أحيانا إلى مواجهات مسلّحة على خلفية خلافات سياسية بين الفصائل الفلسطينية.
2007 إعلان الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ وتوكيله لسلام فياض مهمة تشكيل حكومة طوارئ.
وفي السنة نفسها دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مؤتمر سلام عرف في حينه بمؤتمر الخريف، حيث عقد في مدينة أنابوليس الأميركية في 26 نونبر 2007.
2008 حصار غزة، تلاه قصف سلاح الكيان الصهيوني للقطاع في محاولة لنسف المقاومة الفلسطينية حماس.
ليستمر نزيف الدماء الفلسطينية أمام طغيان وجبروت آلة الدمار الصهيونية..
وما زالت الغارة مستمرة إلى كتابة هذه الأسطر.