التعريف
التنصير حركة دينية سياسية احتلالية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول ما يسميه الغرب بالعالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب.
التأسيس وأبرز الشخصيات
“ريمون لول”: أول نصراني تولَّى التنصير بعد فشل الحروب الصليبية في مهمتها، إذ إنه قد تعلم اللغة العربية بكل مشقة وأخذ يجول في بلاد الشام مناقشاً علماء المسلمين.
“المستر كاري”: فاق أسلافه في مهمة التنصير، وقد ظهر إبّان القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر.
“صموئيل زويمر”: رئيس إرسالية التنصير العربية في البحرين ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط، كان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها سنة 1911م، وما تزال تصدر إلى الآن من “هارتيفورد”.
“كنيث كراج”: خلف “صموئيل زويمر” على رئاسة مجلة العالم الإسلامي.
“لويس ماسينيون”: قام على رعاية التنصير في مصر، وهو عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا.
الأفكار والمعتقدات
محاربة الوحدة الإسلامية: يقول القس “سيمون”: “إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التخلص من السيطرة الأوروبية، والتنصير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أن نحول بالتنصير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية”.
يقول “لورنس براون”: “إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً، أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير”.
لقد دأب المنصرون على بث الأكاذيب والأباطيل بين أتباعهم ليمنعوهم من دخول الإسلام وليشوهوا جمال هذا الدين، كادعائهم أن الإسلام انتشر بالسيف، يقول المنصر “نلسون”: “وأخضع سيفُ الإسلامِ شعوب إفريقيا وآسيا شعباً بعد شعب”.
يقول “هنري جسب”: المنصر الأمريكي: “المسلمون لا يفهمون الأديان ولا يقدرونها قدرها، إنهم لصوص وقتلة ومتأخرون، وإن التبشير سيعمل على تمدينهم”.
أما القس “صموئيل زويمر” فيقول في كتابه العالم الإسلامي اليوم: “تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها”.
وقال كذلك في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935م:
“..لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها”.
“..إنكم أعددتم نَشْئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهرة وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء”.
الجذور الفكرية والعقائدية
يبلغ عدد المنصرين في أنحاء العالم ما يزيد على 220.000 منهم 138.000 كاثوليكي، والباقي وعددهم 62000 من البروتستانت.
لقد بدأ التنصير وتوسع إثر الانهزامات التي مني بها الصليبيون طوال قرنين من الزمان 1099-1254م أنفقوهما في محاولة الاستيلاء على بيت المقدس وانتزاعه من أيدي المسلمين.
الأب اليسوعي “ميبز” يقول: “إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا، إن الرهبان الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لا يزالون كثيرين في الشرق”.
يرى المستشرق الألماني “بيكر” بأن “هناك عداء من النصرانية ضد الإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدّاً منيعاً في وجه انتشار النصرانية، ثم إن الإسلام قد امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها”.
الانتشار ومواقع النفوذ
لقد انتشر التنصير وامتد إلى كل دول العالم الفقيرة والنامية.
إنه يلقي بثقله بشكل كثيف حول العالم الإسلامي عن طريق فتح المدارس الأجنبية، وتصدير البعوث والإرساليات التنصيرية، وتشجيع انتشار المجلات الخليعة والكتب العابثة، والبرامج التلفزيونية الفاسدة، والسخرية من علماء الدين، والعمل على إفساد المرأة المسلمة، ومحاربة اللغة العربية، وتشجيع النعرات القومية.
إنه يتمركز في أندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش والباكستان وفي إفريقيا بعامة.
يتضح مما سبق
أن التنصير حركة سياسية استعمارية تستهدف نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم عامة وبين المسلمين خاصة. ويستغل زعماؤها انتشار الجهل والفقر والمرض للتغلغل بين شعوب تلك الأمم متوسلين بوسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية، فضلاً عن المخيمات والتعليم والطب، إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبي الفتن والحروب.
تعتمد هذه الحركة لتحقيق أهدافها على تشويه صورة الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم.