حين تصبح الصحافة والسيما.. أدوات لنسف قيم وأخلاق الشعب المغربي المسلم نبيل غزال

فتحْت شعار حرية الإبداع أصبح من حق الفنان تجاوز كل قيم وضوابط وأخلاقيات المجتمع المغربي المسلم، بل كلما كان الفنان أجرأ وأقدر على الهجوم على أخلاق وقيم المجتمع كان عمله الفني أكثر إبداعا ونجاحا واحتفاء

لم تعُد السينما اليوم عملا فنيا ونشاطا تجاريا غايته إبراز ظواهر المجتمع المختلفة في قالب عمل فني، بل أصبحت صناعة وأداة لترويج أفكار ومناهج تخدم مرجعيات فكرية معينة.

والسينما المغربية ليست خارجة عن هذا الإطار، فهي متأثرة بالمرجعية العلمانية، والمخرجون وكتاب السيناريوهات السينمائية والمسرحية وغيرها متأثرون بالمرجعية نفسها، ولا يحملون ثقافة إسلامية صحيحة تمكنهم من تحليل سليم لأسباب الانحرافات السلوكية والعقدية الطارئة على مجتمعنا، فأغلبهم عاش ردحا من الزمن في أوروبا أو أمريكا وتشبع بالثقافة الغربية على عجرها وبجرها، ومنهم عزيز السالمي مخرج فيلم “حجاب الحب” الذي اشتكى من المعاناة التي واجهها خلال تصوير اللقطات الخليعة في الفيلم بقوله: “هاديك اللقطات ففرنسا تمثل بشكل عادي جدا، كتعطي الممثلين السيناريو وكيديرو اللي عليهم بكل مهنية”.
الثقافة التي ستنشرها المهنية التي يتحدث عنها عزيز السالمي تتلقى الدعم من مؤسسات الدولة التي يترأسها في الغالب أناس تشبعوا بالتوجه العلماني، وما دامت هذه المؤسسات واللجان والمحافل والمهرجانات التي تقيِّم المنتجات السينما الوطنية تتبنى التوجه نفسه، فإن الرسالة التي ستقدمها جل هذه الأفلام والثقافة التي ستروج لها لن تخرج عن الإطار العلماني، وسيكون هَمُّ المخرجين وكتاب السيناريوهات تلبية رغبة جهة واحدة يمثلها من يدعم ويمول الفيلم ماديا ومن يقيم المنتوج السينمائي دون اهتمام بمدى موافقته لدين وهوية البلد.
فالسينما المغربية تمول وتدعم من طرف المركز السينمائي المغربي الذي يشرف عليه علمانيون يتقصدون نشر ثقافة العري ودعوات الحرية الجنسية ظنا منهم أنها من العوامل الأساسية لتبيئة المجتمع المغربي لقبول العلمانية الشاملة، كما أن القيمين على المهرجانات السينمائية الوطنية والعربية والدولية علمانيون أيضا، وما دام هذا حال المجال السينمائي الوطني والدولي فلن يكون المنتوج السينمائي المغربي إلا منحازا للتيارات العلمانية الأخرى التي تهيمن على القنوات وأغلب الجرائد.
إن الحقيقة التي يستحيل إخفاؤها هي أن الفن الذي يُروَّج له داخل مجتمعنا ويصور على أنه أمانة ورسالة -حتى زعم بعضهم أنه مقدس- ما هو إلا وسيلة للربح ودر المزيد من الأموال، علما أن هناك فئة رابضة متربصة تنتفع غاية الانتفاع من الآثار المدمرة التي يخلفها هذا النوع من الفن داخل مجتمعنا.
فتحْت شعار حرية الإبداع أصبح من حق الفنان تجاوز كل قيم وضوابط وأخلاقيات المجتمع المغربي المسلم، بل كلما كان الفنان أجرأ وأقدر على الهجوم على أخلاق وقيم المجتمع كان عمله الفني أكثر إبداعا ونجاحا واحتفاء، فمن قبل أقدمت ليلى المراكشي على إخراج فيلم “ماروك”، واستهزأت من خلاله بشعيرة الصلاة، وأظهرت شابا يهوديا يوشح صدر فتاة مغربية متفرنجة، منسلخة من كل القيم والأخلاق، بنجمة الصهاينة السداسية قبل أن يزني بها، واليوم يعيد عزيز السالمي الكرة باستهداف شعيرة الحجاب، وإظهار الفتاة المحجة على أنها تعاني من صراع نفسي حاد سببه تجاذبها بين الأعراف والتقاليد من جهة والحداثة والتحرر من جهة أخرى، وقد كان السالمي يدرك جيدا خطورة ما هو مقدم عليه، وهو ما عبر عنه لمجلة نيشان بقوله: “طبعا كنت حَاسْ أنه موضوع طابو من الصعب تكسيره”.
وقد حاولت الصحافة العلمانية حماية هذا النوع من السينما، وأحاطته بهالة من الحصانة والقداسة، ووصفت هذه الأعمال بأنها إبداع يحمل في طياته أصولا علمية وفنية، ولا حق لأحد في محاصرة أو منع حرية الإبداع!
ودعاة الإباحية هؤلاء يعملون جاهدين على أن يصوِّروا المجتمع المغربي على أنه مجتمع غارق في الإباحية، وأن هذا الأمر أصبح لا ينكره أحد، لذا يجب علينا أن نكسر هذا الطابو، ونخرج المسكوت عنه من طابع السرية إلى طابع العلانية، حتى نتمكن من تأطير الظاهرة وتقنينها.
لكن عقلاء المغاربة يدركون جيدا أن الأعمال السينمائية المخربة للقيم هي من أهم عوامل الفساد والإباحية، وأنها أداة الخداع والتضليل، يُضحك بها على الشعوب لتذلل إلى الأهداف التي ترسمها القوى المسيطرة، وأنها وسيلة تغيير المفاهيم والأعراف والقيم.
فإذا كانت المجتمعات الغربية قد سبقتنا في هذا المضمار بسنوات عدة، فلنعتبر بما نالها من جراء التمكين لهذا النوع من الفن، فقد سادتها موجات من الجريمة والجنس والعنف والانحراف العقدي والسلوكي، وانهارت أخلاقيا تحت وطأة ما تعانيه من مادية جارفة وخواء فكري وروحي.
إن نشر مشاهد العري والميوعة لا يخدم بلدنا، والتمكين لسينما الهجوم على الثوابت والمقدسات وسينما الجنس والجريمة والعنف لن يزيدنا إلا تطاحنا وتخلفا، ولن يحسم الأمر إلى إذا تحملت كل جهة مسؤوليتها.
فأين هي الرقابة على ما ينشر في ساحتنا الوطنية من منتجات سينمائية وإعلامية؟
لم لا نسمع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى صوتا في مثل هذه المواضيع الدينية؟
ألا يعد الاستهزاء بالحجاب وتعليق نجمة الصهاينة على صدر فتاة مغربية، زعزعة عقيدة مسلم؟
ألا يعتبر العري، وبث المشاهد المخلة بالحياء، والإعلان بممارسة الزنا إشاعة للفاحشة تطبيعا لها في المجتمع؟
أظن أن كل هذه الأمور تستدعي التدخل المباشر والسريع من وزارتي الداخلية والأوقاف لتسكين ضمائر المومنين والمومنات الذين أصبحَ يروعهم بل يخيفهم هذا السكوت المطبق من الجهات المعنية اتجاه هذه الأعمال التي تنال من ديننا وهويتنا وبلدنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *