الطريق إلى (صفقة القرن) ليس سهلا

تاريخيا، ومنذ اغتصاب فسلطين 1948- دعت أميركا إلى التوطين، واليوم يقف ترمب متحمساً لـ”صفقة القرن”. هذا فضلا عن مجاراة هذه الصفقة للاتجاهات الجديدة في العالم، والقائمة على حلول متعددة الأطراف على أساس ربحي واقتصادي.
“الطريق إلى عقد “صفقة القرن” ليس سهلاً، والموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي الرافض للتوطين سالفاً يرفضه أيضاً اليوم ضمن صفقة تبادل الأراضي، ويبدو أن سيناريوهات التنفيذ لا تقل خطورة عن المشروع ذاته، لصعوبة استجابة الشعب الفلسطيني الذي قاوم سابقا التوطين ومؤكد أنه سيقف ضده اليوم وغداً”.
ووفق الجزيرة؛ فالعالم سيدفع مليار دولار سنوياً للفلسطينيين، وهذه مبالغ تذهب لاستثمار غزة الكبرى لتحقق أرباحا تغني عن استمرار الإنفاق، مع فائدة حقيقية لأوروبا تتمثل في خفض الأسعار، والاقتراب جداً من السوق الشرق أوسطي والخليجي الأكبر استهلاكاً.
وربما يذهب هذا بأرباب المشروع نحو التهجير القسري عبر عدوان مدمِّر على غزة، وبالتأكيد مثل هذا السيناريو يحتاج بيئة تتمثل في إدارة دولية وغطاء أميركي غير مسبوق، يمنحان ضوءاً أخضر للقيادة اليمينية الصهيونية مع صمت عربي.
والبعض يرى أن الضغط المتزايد الذي يستهدف غزة اقتصادياً اليوم -عبر قرارات من قبيل خصم الرواتب، والتقاعد المبكر، وقطع مخصصات الشهداء والأسرى، ووقف التزويد بالكهرباء- يأتي في ذات السياق الممهد لـ”صفقة القرن”.
وهذا السيناريو يشكل كذلك تهديدا لـ”إسرائيل” عبر مغامرة غير حاسمة النتائج، فقد يُشطب مسار التسوية إلى الأبد، وتنال المقاومة الشرعية الحاسمة، ويُفشل صمود الشعب الفلسطيني السيناريو، وربما لا تسمح البيئة في العالم المصاحبة للجرائم بالاستمرار، ولا تمنح غطاء لمن يرغب التعاون مع الاحتلال في إنفاذ العدوان.
هذا فضلاً عن مزيد من كشف وجه الاحتلال المجرم مما سيسبب مزيد عزلة وفشل الخيار الثاني الأكثر هدوء، والذي يتمثل في قبول الأنظمة العربية بصفقة التصفية لانشغالها بأزماتها، فضلاً عن بحثها عن استقرار بلدانها ولو على حساب فلسطين، حيث يُزيّن لها أن بوابة هذا الاستقرار هي تقوية العلاقة مع الكيان والإذعان للمصارع ترمب.
لكن الشعب الفلسطيني يمتلك وعياً خاصاً وقد يُفشل هذا السيناريو، والأنظمة تخشى ردة فعل الشعوب رغم سوء الحال الذي وصلت إليه، خاصة أن الجميع يتذكر أن كافة مشاريع التوطين كان فيها حرقٌ لشعبية الأنظمة.
أفق تطبيق “صفقة القرن” ليس ممهداً ولا مؤشرات على موافقة السلطة عليه، بل إنها حتما ستكون ضده لو ذهب في اتجاه سيناريو كيان منفصل في غزة، مع عدم وجود مؤشر لإمكانية تطبيق سيناريو سلمي لـ”صفقة القرن”.
الليالي حبلى والموقف ساخن، والأيام تأتي كل يوم بجديد، والتمهيد لعقد “صفقة القرن” بدأت خطواته الأولى على الأرض بزيارة ترمب للمنطقة، وحلقات الحصار حول غزة تشتد، وإرهاصات مرحلة قادمة قاسية تأخذ خطواتها الأولى لتوقيع احتفالي يوهم بأجواء جديدة في المنطقة، عنوانها الأكيد: “إسرائيلُ” تقود محوراً عربياً برعاية أميركية لعقد “صفقة القرن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *