نماذج من بدع الجنائز محمد أبو الفتح

1- الجهر بالذكر في الجنائز

الجهر بالذكر مخالف للقرءان والسنة، فأما القرءان فإن الله تعالى قال: “وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ” (الأعراف205)؛ وأما السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة حين جهروا بالتكبير: “أَيُّهَا النَّاسُ! ارْبَعُوا ‘(1) عَلَى أَنْفُسِكُمْ! إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ” (متفق عليه).
وسئل الفقيه المالكي أبو سعيد بن لب (2) رحمه الله عن الجهر بالذكر أمام الجنازة على صوت واحد ما حكمه؟
فأجاب: السنة في اتباع الجنازة الصمت والتفكر والاعتبار.. وقال أيضا: المنقول عن السلف الصالح رضي الله عنهم في المشي مع الجنائز هو الصمت والتفكر في فتنة القبر وسؤاله وشدائده وأهواله.. والخير كله في اتباعهم وموافقتهم في فعل ما فعلوه وترك ما تركوه. (المعيار المعرب1/313-315).

2- قراءة يس عند الغسل وعند الدفن
سئل الإمام الشاطبي المالكي عن قراءة يس على القبر فقال: “..إنما جاء في قراءة يس ما جاء عند الاحتضار لا عند الغسل ولا عند الدفن ولا غيرهما” (المعيار المعرب1/327).
قلت: يشير إلى حديث: “اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ” أخرجه أبو داود وابن ماجه، وهو حديث ضعيف في إسناده رجلان مجهولان: أبو عثمان وأبوه. ولو صح الحديث لكان معناه ما ذكره الشاطبي وقبله ابن حبان حين قال: (أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ”)، قال النووي: (معناه: من حضره الموت، والمراد: ذَكِّروه “لا إله إلا الله” لتكون آخر كلامه، كما في الحديث: “مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ”) (شرح مسلم 6/219). فالمراد بالميت في هذه الأحاديث من حضرته الموت، وليس من مات وانتهى أمره.

3- صنع الطعام للميت والاجتماع عليه
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَرَى الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنْ النِّيَاحَةِ. (أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني).
وسئل الفقيه المالكي أبو الحسن القابسي (3) عن الطعام الذي يعمل الناس في الجنائز ليلة الثالث؟ فقال لعمري إنه بشيع. (المعيار المعرب1/339).
قلت: وذلك لما في هذا العمل من التكلف، وتجديد الأحزان، وتبذير أموال الورثة، وقد يكون فيهم يتامى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – أي: ارفقوا ولا تجهدوا أنفسكم (الفتح11/188).

[2] – قال ابن فرحون في ترجمته في الديباج المذهب : “شيخ شيوخ غرناطة كان شيخاً فاضلاً عالماً متفنناً انفرد برئاسة العلم وإليه كان المفزع في الفتوى وكان إماماً”.

[3] – قال  ابن فرحون في ترجمته في الديباج المذهب: “وكان واسع الرواية عالماً بالحديث وعلله ورجاله فقيهاً أصولياً متكلماً مؤلفاً مجيداً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *