يقول مؤلف كتاب “هل يكذب التاريخ ؟!” عبد الله بن محمد الداوود عن مصطلح الجندريَّة:
“مصطلحٌ جديدٌ متطِّورٌ لقضيَّة المساواة، أطلقته (الحركات الأنثوية المعاصرة)، فخرج على المسرح السياسي والاجتماعي والثقافي على استحياءٍ عام 1994م في مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة؛ حيث ورد المصطلح في المؤتمر 25 مرةً، ومراعاة لخطة التهيئة والتدرج في فرض المفهوم، ظهر المصطلح مرةً ثانيةً، ولكن بشكلٍ أوضح في وثيقة بكين 1995م؛ حيث تكرَّر مصطلح الجندر 233 مرةً.
ومعناه باختصار: أنَّ الخلقة الجسديَّة سواء للرجل أو المرأة، ليس لها علاقة باختيار أدوارهم الاجتماعية التي يمارسونها، فالمرأة ليست امرأة، إلا لأنَّ “المجتمع” أعطاها ذلك الدور، وكذلك الذكر، ويمكن حسب هذا المعنى أن يكون الرجل امرأة يحقُّ له أن ينكح، وأن تكون المرأة زوجاً تتزوّج من جنسها نفسه، وبهذا تكون قد غيرت “نظرة المجتمع” لها، وجاء في تعريف الموسوعة البريطانيَّة ما يسمى بالهوية الجندرية: إنَّ الجندرية هي شعور الإنسان بنفسه بصفته ذكراً أو أنثى، دون النظر للتكوين الجسمي.
أعلنت الحركات الأنثوية المعاصرة مصطلح الجندرية (الجندر) بصفته امتداداً لمسألة (المساواة) المزعومة بين الرجل والمرأة، وليس مرادفاً لمعنى المساواة، فبعد المناداة بإنصاف المرأة من (الظلم)؛ الذي أوقعه بها الرجل عبر التاريخ، كان أقصى ما تطمح إليه دعوات تحرير المرأة، هو إنصافها من الغبن الاجتماعي والتاريخي الذي لحق بها، مع الحفاظ على فطرة التميُّز بين الأنوثة والذكورة، فالمرأة حتى وإن ساوت الرجل؛ فإنّها تحتاج إليه، وهو يشتاق إليها، دون مهاجمة الدين أو الفطرة.
حتى ظهر مصطلح (الجندر)؛ بصفته خطوةً تهدف إلى إلغاء معنى (رجل) و(امرأة)، فلا يوجد (رجولة) أو (أنوثة) أصلاً؛ بل الجميع (جندر)، بمعنى (نوع) فهو مصطلح يناسب الرجل والمرأة على حد سواء، ولا يمكن أن نفهم من ورائه جنس المقصود إن كان رجلا أو امرأة”.
ويضيف الكاتب قائلا:
“تعلن (الأنثوية المعاصرة) صراع المرأة مع الرجل؛ بل والعداوة الدائمة بينهما، وعلى أن كسبها يأتي من الصراع معه حتى في العلاقات الزوجية، وغابت فكرة السكن والمودة، وفكرة البناء المشترك، وصارت ترفع شعارات من قبيل (الحرب بين الجنسين)؛ بل والمطالبة (بالقتال من أجل عالم بلا رجال).
وتنطلق (الأنثوية المعاصرة) في سعيها إلى إعادة صياغة اللغة، والتاريخ، والثقافة من جديد، بدون تفريق في الضمائر والأسلوب بين المرأة والرجل؛ بل كل ما سبق تعاد صياغته على أساس (الجندر).
وأيضا تمارس الحركات الأنثوية المطالبة بالجندرية ضغطا على المؤسسات الدينية الغربية، لإجراء تعديلات على الكتب السماوية، بما يتوافق مع (الجندر) بصياغة محايدة، لأن حركات الأنوثة تشكك في الكتب السماوية، على أساس أنها من صنع الرجال، (أسهمت الحركات النسائية في تشجيع إصدار طبعة جديدة من كتب العهد القديم والجديد أطلق عليها الطبعة المصححة politically corrected bible في عام (1994م)، وتم فيها تغيير الكثير من المصطلحات والضمائر المذكرة، وتحويلها إلى ضمائر حيادية مراعاة للفمنزم، كما خفف تأثير الكلمات التي تصف الشذوذ الجنسي عند الناس، ومما يقطع ويمزق نياط القلب أن ينساق وراء هذه الدعوة بتغيير الكتب السماوية نساء مسلمات، في بلاد مسلمة كما جرى في مؤتمر في اليمن عن (جندرة اللغة)؛ حيث وصل الإلحاد بإحدى الحاضرات.. من اليمنيات الخبيثات، أنها -والعياذ بالله- قالت كلاما شنيعا، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعفو عنا، تريد التعبير عن (الله) -سبحانه تعالى- بضمير (هي) بدلا من (هو)، فغضب عليها رئيس تحرير (عقيدتي) التابعة للحزب الوطني، ورد معترضا اعتراضا شديدا”.
ويبين صاحب الكتاب أهداف الحركات الأنثوية عند استعمالهم للفظ الجندرية قائلا:
“وتتبنى (الأنثوية المعاصرة) فكرة الحرية الجنسية المطلقة للمرأة، وأن الأنوثة لا تمنعها من أي شيء يمكن أن يقوم به الرجل، ومن حقها ممارسة الجنس مع الرجال حتى وإن كانت متزوجة، فالزاوج لا يمنعها من تلك الحرية الجنسية.
وتقوم (الأنثوية المعاصرة) على تخليص المرأة من واجبات البيت، وإعدادها اقتصاديا، وأن تكون عملية تربية الجيل من مسؤوليات الدولة، وليس من مهام المرأة؛ فالأسرة نظام ظالم للمرأة، فقد ظلمها المجتمع فيه بفرض رجل واحد في حياتها وهو الزوج، بسبب تافه -على حد زعمهم-؛ وهو معرفة نسب الولد، إذن فلا بد من الثورة على الأسرة بصفتها نظاما اجتماعيا يظلم المرأة، وأن يحذف مصطلح (الزوج) ويستبدل بكلمة (شريك).
تعطي (الأنثوية المعاصرة) للمرأة حق تملك جسدها، وحقها في رفض الإنجاب، وحقها في الإجهاض، وحقها في رفض الأمومة والرضاع، وحقها في رفض التربية ورعاية الأولاد، وحقها في إطلاق رغبتها الجنسية، والحب الحر؛ بل وحقها في الشذوذ وحقها في الزواج من امرأة مثلها، وطلب إصدار قوانين رسمية تعترف بها بصفتها أسرة شرعية تملك كل الحقوق الشرعية للأسرة الطبيعية، فنتج عن ذلك:
شيوع الإباحة الجنسية، وما ترتب عليها من أمراض، وكثرة الأمهات اللواتي لم يتزوجن ويغلب عليهن سن المراهقة، وتوفير موانع الحمل، ورفع الحظر عنها في الجامعات والمدارس، وتمكين المراهقين والمراهقات من الحصول عليها، وكثرة أولاد الزنا، وطغيان التبرج والعري، ورفض الإنجاب.
وتنادي (الأنثوية المعاصرة) بتعليم الأطفال الجنس في المرحلة الابتدائية؛ لتعريف الأطفال ممارسة الجنس المأمونة، وطرق منع الحمل.” ا.هـ من كتاب هل يكذب التاريخ ؟! صفحة 266 – 270
فلينظر القراء الكرام إلى أي درك من دركات البهيمية يريد منا العلمانيون الرجعيون العيش فيه؟