في 10/11/1975 صدر قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 3379 باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال التمييز العنصري، وأكدت الهيئة ذلك حينما شجبت العنصرية القائمة على التمييز باللون والجنس والعرق..، وهو الأمر الذي دعا الصهيوني “إيجال ألون” لأن يقول في حديث لصحيفة أوروبا اللندنية بتاريخ 14/11/1975: “إن المتطرفين العرب أرادوا في الأمم المتحدة تمرير قرار يزودهم بقاعدة أساسية ودعائية لإنهاء وجود إسرائيل.. إن الصهيونية كانت أساسا تعبيرا عن الثورة ضد اللاسامية، وضد التمييز.. وتمثل شعبا كان أكبر ضحية للتمييز العنصري في العالم”.
ولم يقف الصهاينة مكتوفي الأيدي حيال القرار الصادر عن الأمم المتحدة، بل مارسوا بالتعاون مع الولايات المتحدة ضغطا كبيرا طيلة 16 عاماً لإلغاء القرار، حتى تم لهم ما أرادوا على ضوء المستجدات الدولية آنذاك، فكان قرار الإلغاء الصادر في 17/12/1991 والذي أيده 111 دولة وعارضه 25 دولة وامتنع عن التصويت 13 ولم تشارك 17 دولة.
ومما يؤسف له أن بعض الدول العربية امتنعت عن التصويت وكأنهم لا يعرفون عنصرية الكيان الصهيوني وما يعانيه شعب عربي مسلم من ظلمه واضطهاده، وبالفعل كان إلغاء القرار سابقة عجيبة في قرارات الأمم المتحدة، وبخاصة وأن إلغاء القرار لهم يضع في اعتباره ما كان يجب على الكيان الصهيوني أن يتخذه من إلغاء القوانين العنصرية التي ما زالت سارية المفعول وتطبق بكل ظلم على الفلسطينيين.
إن الصهاينة عنصريون فعلاً فهم يستقون تاريخهم في الدرجة الأولى من التوراة المحرفة، وهو كتاب خالطه الكذب والزيف والتضليل وامتزجت فيه الحقيقة بالخرافة والخيال، فلا يعتمد عليه المؤرخ النزيه مصدراً يستقي منه معلوماته.
وهم منذ وجدوا يغلفون تاريخهم بالأسرار والألغاز! إذ إن تاريخهم كله تاريخ صراع بينهم وبين الأمم التي يعيشون بينها كأقليات ذات نشاط أوسع من إمكاناتها، وأطماع أوسع من أن تحتملها تلك الأمم.
لقد لعب الحاخامات نقطة التلاقي بين اليهودية والصهيونية، بين التطرف الديني والعلمانية، لعبوا الدور البارز في حشد الدين والمتدينين لصالح المشروع السياسي للصهيونية العلمانية، مسترشدين في ذلك بما جاء في الكتب الدينية اليهودية -التي يقدسونها-، والتي تكرس ثقافة الحقد والكراهية والقتل والإبادة الجماعية لغير اليهود.
فعوفاديا يوسف نادى بالإبادة ونظر لها وأعطاها الغطاء الديني، وشارون مارسها في فلسطين كما مارسها في مخيمات صبرا وشتلا.
والحاخام أبراهام أفيدان قال : “على غير اليهود أن يقبلوا بالعبودية، وعليهم أن لا يسيروا ورؤوسهم مرفوعة في وجوه اليهود”، و”أفكدور ليبرمان” وزير خارجية الكيان الصهيوني يهدد بإلقاء القنبلة النووية على غزة كحل عسكري للتخلص منها، ويطرح فكرة الوطن البديل كحل سياسي للقضية الفلسطينية.
إن إدانة هتلر بالعنصرية والإجرام لا يجب أن تكون منفصلة عن إدانة الصهاينة بذلك، فالصهاينة يرون أنفسهم شعب الله المختار، وأن سواهم عبيد لهم، وبنوا احتلالهم لفلسطين على أساس الدين والسلالة والتميز العنصري وعلى سياسة الحرب المدمرة، ناهيك عن شعورهم بالاستعلاء والفوقية، واحتقارهم لغيرهم من البشر، فهم أصحاب الحق الذي يباركه الله وسواهم معتدي، وهم الضحية وغيرهم المجرم، يستحلون دماء غيرهم مع نية التعبد لله والتقرب إليه بهذه الأعمال الوحشية، فقتل اليهودي للأمّي لا يعد جريمة في نظرهم بل فعل يرضي الله، وجرائمهم مع الناس قربات يثيبهم الله عليها، كما أن نظرة اليهود إلى الناس تتلخص بأن أرواحهم أرواح شيطانية وشبيهةُُ بأرواح الحيوانات.
فالصهيونية هي العنصرية ذاتها، وإن لم يكن هذا الفكر هو العنصرية فليس على وجه الأرض شيء اسمه عنصرية.
ونظرا لما يتمتع به الكيان الصهيوني من حسّ عنصري لم يكن موشيه رئيس جنوب إفريقيا (وكر العنصرية في إفريقيا في ذلك الوقت) مخطئا أو ملقيا للكلمات جزافا حينما زار الكيان الصهيوني سنة 1969م وهو يردد: “يوجد لدى إسرائيل الكثير مما يمكن تعلمه”، وفعلا فقد كان عند الكيان الصهيوني الكثير مما يمكن تعلمه.
إنّ الحركة الصّهيونية تعمل بقوّة على نشر الصّراعات والحروب والفتن والفوضى في العالم لتكون دولة الكيان الصهيوني هي الأقوى فيه، ويتمكّن شعب الله المختار -كما يعتقدون- من حكم العالم ويجعل كلّ الشّعوب الأخرى دون استثناء عبيدا له بل دوابا، بما فيها شعوب الغرب التي يستعملها الآن للوصول إلى أهدافه بتسليطها على العرب والمسلمين.
ولتسليط الضوء على عنصرية هذا الكيان الطّاغي المتغطرس ارتأت جريدة السبيل فتح ملف في الموضوع.