“انطلق اليهود وأجراؤهم وعملاؤهم وكلّ الذين يتأثرون بهم ويتحرّكون بتوجيههم، أفراداً ومنظمات، ومعهم متبرعون كثيرون من أهل الأهواء، بنشاط واسع، عقب تهيئة الظروف السياسية والاجتماعية الملائمة، لمحاربة الأركان التالية:
الأول: الدين، وكل ما يتصل به ويصدر عنه، ولو كان ديناً محرفاً، كالمسيحية، لأن الدين هو الناظم الوجداني لكل الذين يؤمنون به.
الثاني: الأخلاق، وكل ضوابط السلوك النافعة المفيدة للأفراد والجماعات، وكل الروابط الاجتماعية التي تربط أفراد أمة واحدة في هيئة اجتماعية ذات قوة متماسكة متعاونة.
الثالث: النظم السياسية والإدارية والاجتماعية، الضابطة للشعوب والأمم، والناظمة لهيئاتها الاجتماعية، ولو كانت غير عادلة.
الرابع: النظم الاقتصادية التقليدية عادلةً كانت أو جائرة.
الخامس: الطبقات التي لها سيادة اجتماعية تقليدية، سواءٌ أكانت عادلة أو جائرة.
وتُتَّخذ الانحرافات الجزئية والفردية ذرائع لمحاربة هذه الأركان محاربة جذرية، ولنسفها من أصولها، بغية تفكيك الشعوب وذرّها، وإقامة الصراعات بينها.
وبكل وسائل الإعلام والتعليم، السرية والعلنية، المباشرة وغير المباشرة، تحركت هذه الحرب الشيطانية المدمرة، وانطلقت:
1- تنشر الإلحاد، وأفكار الحرية الفردية الناقمة الثائرة على عقائد الإيمان بالغيب، والثائرة على القيود الأخلاقية والاجتماعية، وسائر التقاليد.
وتنشر كل ما يفرزه الفكر الإلحادي، الذي ينكر وجود الله , ويؤمن بأزلية المادة، وخلو الوجود من الحكمة والقصد، والعلم السابق والإرادة، والعمل الواعي، وينكر الدينونة والحساب والجزاء، ويجعل حياة الإنسان قاصرة على هذه الحياة الدنيا، ويطلق الرغبات والشهوات والأهواء على رعوناتها، دون أي قيد أو ضابط، إطلاقاً متوحشاً نهماً متكالباً أنانياً، مسرفاً في ابتغاء اللذات والأموال، ورغبات التسلط.
2- تبث الآراء والنظريات والمذاهب المبهرجة المتناقضة فيما بينها، ابتكاراً ووضعاً لها ولزيوفها وزخرف أدلتها. أو نبشاً عنها في مقابر أفكار ومذاهب الأقدمين، واستخراجاً لمحنَّطاتها الدفينة في بطون أساطير الأولين.
ثمّ تقوم بتجميع مجموعات بشرية حزبية على هذه النظريات، المتناقضة فيما بينها، ثمّ تقوم بتهييج هذه المجموعات الحربية، ودفعها إلى ثورات عمياء ضد أوضاع قائمة، ودفعها أيضاً إلى صراعات فكرية ودموية، ضد المذاهب التقليدية، ودفع بعضها ضد بعض” (1/46-48).
“ومن النوازع الفردية التي جاء في المخطط اليهودي استغلالها، الأنانية المفرطة، وفكرة الحرية الفردية التي يراد لها أن تنطلق شرهة شرسة، وتتمرّد على كلّ ما يقيِّدها من دين، أو قانون، أو ضوابط اجتماعية، أو مبادئ أخلاقية.
وبتنمية الأنانية المفرطة، وإطلاق الحرّية الفردية، تنطلق الشهوات والغرائز البَهَميّة، كما تنطلق الوحوش المفترسة من أقفاصها، ومع الرغبة بانتهاب اللذات دون ضابط يتسابق الناس إليها، ويتنازعون عليها، ثمّ يتصارعون ويتقاتلون، وبذلك يتم تفتيت الشعوب والأمم، ويتحقّق إضعاف قواها، وتمكين عدوّها منها، وهو قابعٌ في مخابئه، يترقّب تساقطها صريعة، نتيجة صراعاتها فيما بينها” (1/223).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** المقال عبارة عن مقتطفات من “كواشف زيوف في المذاهب الفكريّة المعاصرة” عبد الرّحمن حسن حَبَنّكة الميداني أما العنوان فهو من تصرف السبيل.