النقاب..هل هو لباس شرعي أو زيّ أفغاني؟ محمد أبو الفتح

يبذل العلمانيون كلَّ ما في وسعهم لمحاربة الحجاب والنقاب الشرعي مستخدمين في ذلك كل ما يجدون من وسائل المكر والتدليس والتلبيس، ومن ذلك محاولاتهم اليائسة للربط بين النقاب وبين أفغانستان وطالبان.

فكل من عرف الإسلام ودرسه يعلم أن النقاب تشريع رباني عمل به نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الصحابة الكرام، وبقي سُنَّة بعدهم، توارثتها الأجيال، جيلا بعد جيل، في كل بقاع العالم الإسلامي بدون استثناء، وعلى اختلاف مذاهبها الفقهية، ولم تكشف النساء وجوهها إلا في القرن العشرين الميلادي بعد دخول الاحتلال بلاد المسلمين، الذي بدأ مشروع كشف نساء المسلمين وتجريدهم من لباس الحشمة والحياء، وترك مهمة إكمال هذا المشروع الآثم لإخوانهم العلمانيين، ففعلوا ما عجز عنه المحتل، وحققوا ما لم يحققه من إنجازات في ميدان الفساد والإفساد، حتى نزلوا بالبلاد إلى الحضيض في جميع مناحي الحياة، خاصة منها ما يتعلق بالأخلاق والآداب. وما زالوا يقاومون كل محاولة رجوع المسلمين إلى أصلهم الذي نقلوهم عنه، مستغلين في ذلك الدعم الخارجي للمحتل، والسيطرة على وسائل الإعلام بأنواعها المقروء منها والمسموع والمرئي.
ومن وسائل مقاومتهم لرجوع المسلمين الصادقين إلى العمل بدينهم الحنيف وَصْفُهُم النقاب الشرعي باللباس الأفغاني، مرتكبين في ذلك عدة مغالطات منها:
1- تصوير النقاب وكأنه شيء دخيل على البلاد غير أصيل في العباد، ليوهموا الأغرار وصغار الأسنان، ممن لم يدرك الآباء والأجداد، أن المغاربة لم يعرفوا النقاب إلا بعد مجيء طالبان، مُتَعَامِين عن الحقيقة التي يثبتها التاريخ بالوثائق والصور، ويرويها الكثير من شهود العيان: أن نساء المغرب كُنَّ جميعا وبدون استثناء منتقبات، بل ما تزال نساء الكثير من المناطق خصوصا في الجنوب محافظات على هذه الشعيرة.
2- ربطهم النقاب بطالبان التي أدرجتها الدول الغربية في لائحة الإرهاب؛ وذلك للتنفير من هذا اللباس الشرعي، وربطه ببعض الأعمال التخريبية الإرهابية، والتي ثبت تورط أعداء الإسلام فيها، فنقول لهم جوابا على هذا التلبيس:
• أولا: طالبان ما سمع بهم الناس إلا بعد خروج السوفيات من أفغانستان، والنقاب عرفه المغاربة قبل أن يولد طالبان.
• ثانيا: الحجاب الذي يلبسه الأفغانيات المسلمات لا وجود له في المغرب، وقد رآه الناس جميعا عبر وسائل الإعلام، فالمرجو منكم مراجعة الصور واكتشاف الفروق السبعين.
• ثالثا: النبي صلى الله عليه وسلم ولد في مكة وهاجر إلى المدينة، ومن المدينة خرج الإسلام والحجاب والنقاب، ولم يولد صلى الله عليه وسلم في تورا بورا، ولا هاجر إلى قندهار.
• رابعا: أفغانستان ليست لها حدود مع المغرب، ولا هي من دول المغرب العربي، ولا من دول شمال إفريقيا، حتى تُهَرِّب لنا ثقافتها كما تُهَرَّب السلع المحظورة عبر الحدود، كما أنها دولة فقيرة ليس لها إعلام ولا وسائل لتصدر تقاليدها في إطار العولمة الحديثة.
فالمرجو من الذين منحوا النقابَ الجنسيةَ الأفغانية أن يراجعوا دروس التاريخ والجغرافية/مقرر المرحلة الابتدائية.
• خامسا: النقاب الأفغاني هو لباس عرفه الشعب الأفغاني قبل مجيء حركة طالبان، وإنما يربطه الغرب في غزوه لأفغانستان بحركة طالبان حتى يتنصل من تهمة انتهاك حرية التدين، وكذلك يفعل العلمانيون في المغرب عندما يربطون حجاب المرأة -بصفة عامة- بالثورة الخمينية الرافضية، لينفوا عن أنفسهم محاربة تعاليم الإسلام في بلاد الإسلام.
– فإن قالوا: لقد ظهرت في الشارع أنواع من الحجاب والنقاب مخالفة للنقاب المغربي الذي كان يلبسه أمهتنا وجداتنا، وهو حجاب مستورد من بعض البلاد الإسلامية الأخرى (وليس منها أفغانستان).
* قلنا: وأيُّ عيب في ذلك إذا كان اللباس شرعيا ولم يخالف عرفا مطردا؟! أليس المسلمون أمة واحدة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} المؤمنون:52.
فإن قالوا: هذا يهدد الخصوصية المغربية في اللباس.
* قلنا لهم: واللباس المستورد من الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني، ألا يهدد الخصوصية المغربية في اللباس والأخلاق والعقيدة؟! أم إنه يستثنى من القاعدة، لما يتمتع به من قدرة هائلة على نشر الفساد والإفساد؟!
وأخيرا نقول لهم: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: أن ندعو نساءنا ونساءكم، وبناتنا وبناتكم، ثم نلبسهم اللباس المغربي الأصيل، ونحرق كل لباس شرقي وغربي دخيل.
فإن قبلتم عرفنا صِدْقَكم وحرصكم على دينكم وثقافتكم وخصوصيات بلادكم، وإن أبيتم افتضحتم وانكشف عَوَارُكم، وعرف الناس أنه لا هَمَّ لكم إلا نشرُ الفساد في البلاد، ومنع المسلمين الصادقين من العودة إلى رب العباد. ولكن هيهات هيهات، فإن المستقبل لهذا الدين، مهما مكر ومكرتم، أخبرنا بذلك الصادقُ الأمين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فلا بد من أن يعود المسلمون إلى العمل بدينهم؛ مهما طال الفراق والبُعْد، ولا بد للصبح أن ينجلي؛ مهما طال الليل واسْوَدّ، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *