تعظيم الأنظمة العربية لهيئة الأمم ومجلس الأمن و”الشرعية الدولية” الحسن بن الحسين العسال

لا أدري لماذا لا تزال الأنظمة العربية تراهن على هيئة اللمم ومجلس الهم، والذي لم نر من ورائهما إلا الهم والمآسي والذل؟

هل يختبئون وراءهما لإخفاء عجزهم؟
أم هي الأخرى، وهي القاسمة ألا وهي التماهي المطلق الذي لا يمكن أن يدل إلا على التواطؤ، لأن هذه الأنظمة العربية إذا أرادت أن تحاجج بأن الهيئة والمجلس لا يزالان مفيدين للعرب، لن يجدوا ولو نصف مثال، فما بالك بمثال كامل.
بينما يجدون من الأمثلة المضادة المئات بل الآلاف كان من آخرها: الحصار والحرب على غزة، والصمت والتواطؤ الدوليين، على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن بما يسمى وقف إطلاق النار، ولو كان المقصود به أحد الأطراف العربية لتم استصدار القرار تحت البند السابع، ولعجَّت الدنيا بالتهديد والوعيد، ولجيشت الجيوش لفرض القرار، لكن الأمر يتعلق بهبل العصر: “الدويلة السرطانية” التي لم تنفذ أي قرار ضدها منذ اغتصابها لفلسطين، فمتى سيعرف العرب مصالحهم؟ متى سيعرفون حقوقهم، ويدافعون عنها؟
اثنان وعشرون دولة لا تستطيع أو لا تريد أن تضغط للحفاظ على مصالح شعوبها وحقوقهم مع ما لديها من موارد طبيعية وطاقات بشرية وتاريخ مجيد! أمام كيان يعيش على صدقات الغرب، مقطوع الجذور والتاريخ، منبوذ من جميع شعوب العالم، إلا من بعض الساسة، ومع ذلك فقد ضغط هذا الكيان على “البي البي سي” لرفض بث نداء خيري لإغاثة غزة. فلا ندري لمن يدخر العرب بأسهم وأسلحتهم المكدسة؟!
فما دامت الدول العربية تؤمن بالشرعية الدولية على حساب شرع رب العالمين، فلتبع أسلحتها التي تنفق عليها ملايير الدولارات ولتجهز بثمنها المستشفيات والمدارس إن كان قادتها مقتنعين بأن ما يسمى “المجتمع الدولي” سيحميهم وشعوبهم من كل غادر، وإلا كانوا مناقضين لأنفسهم.
على الأنظمة العربية أن تعود ولو لمرة واحدة إلى هويتها لتعرف صديقها من عدوها، مرتكزة على شريعة رب العالمين فـ”الشرعية الدولية” هي من يغطي على إرهاب الدويلة السرطانية ويطلق يدها لتعيث فسادا في البلاد والعباد، فمهما قتلت وذبحت وأبادت لا يظهر لما يسمى بالمجتمع الدولي الذي لا هم له إلا أن يسارع في هواها: فهذا “خافيير سولانا” لازال يشكك في أن ما وقع في غزة جرائم حرب، وفي المقابل أكدت “سوزان رايس” أن ما يحدث في دارفور إبادة جماعية!
أما الاتحاد الأوربي فأخذ مجرمة الحرب “ليفني” بالأحضان نكاية في العرب، وطمأنها بأنه سيحميها من أي ملاحقة قضائية، على الرغم من شكاوى مئات الجمعيات الدولية المرفوعة ضد جرائم بني صهيون، وها هو “جورج ميتشل” يحمل المقاومة جرائم بني صهيون، وقبله “أوباما” المتنكر لدين أجداده، صرح تصريحا لا يختلف عما كان يقوله “بوش” الصغير إلا من حيث الشكل.
أما العرب فلأنهم يعظمون “الشرعية الدولية” فقد ضغطوا فيما مضى على ليبيا لتسليم أبنائها في شأن حادثة “لوكيربي”، وقد فعلت هي الأخرى، رغم العنجهية والعجرفة المرفوعتين ظاهريا، كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد، أما أن يضغطوا على أمريكا لردع دويلة الصهاينة، فهو سابع المستحيلات!
وإلى الذين صدعوا الدنيا بثقافة الاختلاف وقبول الرأي الآخر، هل عميت أعينهم عن اليهودي الذي مزق جواز سفره “الإسرائيلي”، وتبرأ من دويلته السرطانية، ولماذا يصمون آذانهم عما يقوله الحاخام “ديفيد وايز” الناطق الرسمي باسم جماعة “ناطوري كارتا” اليهودية، والذي يؤكد على أن الله حرم على اليهود إقامة دولة خاصة بهم، ومن ثمة فاحتلال اليهود لفلسطين هو مخالف للتوراة ولإرادة الرب، وقد عاب على المسؤولين العرب الذين يتوددون لدولة الصهاينة ويخافون اتهامهم بـ”اللاسامية”، منبهاً إلى أنها حركة سياسية عمرها 100 سنة، مطالبا بفك الحصار عن قطاع غزة ووقف الاعتداءات على الفلسطينيين.
أما آن للعرب أن يفهموا الدرس؟
ألم يتخموا من كثرة تضييع الفرص التاريخية، التي لو اغتنموها لحُمِدوا عليها، ولأثقلت ميزان حسناتهم؟
ألا يزالون يؤمنون بأن السلام مع الكيان السرطاني خيار استراتيجي؟
ولا يزالون بعد كل هذه الجرائم مخدرين بهذا الوهم؟
ألا يؤمنون بما حدَّث به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود” رواه مسلم.
ألا يريدون أن يكتب لهم الظفر بهذا المجد في مقاتلة اليهود، وإن لم يكتب لهم أعذروا إلى الله، وشهدت لهم الأمة بذلك.
إن هيئة اللمم ومجلس الهم لم ينشآ إلا للحفاظ على مصالح المجرمين الكبار، وحمايتهم من المتابعة والعقاب، والانتقام من المستضعفين الأباة، وإمعانا منهم في تركيعهم حتى لا تقوم لهم قائمة، قطعا للطريق أمام كل نهوض يزاحمهم في اقتسام ثروات العالم التي يستحوذون عليها بدون وجه حق. والدليل، عوض أن يحموا الضحية، ويأخذوا على يد الجاني كان العكس، حيث استقدمت بعجالة وعلى الفور فرقاطة فرنسية تحمل مروحيات ورادارات قبالة شاطئ غزة لحماية المجرم من الضحية! أي مجازاة المجرم، ومعاقبة الضحية، بمنعه من الدفاع الشرعي عن نفسه، وتركه ينوء تحت وطأة الحصار الغاشم، وتحت آثار العدوان الظالم. وظاهريا يجتمعون وينفض اجتماعهم دون أن يسفر عن شيء في صالح الضحية، إمعانا منهم في تضييع الوقت عسى أن يتعب الصامدون ويركعوا، أما المجرم فلا يستدعي إرضاؤه كل هذه الاجتماعات، مادامت المسارعة في تلبية مطالبه، من المسلمات التي لا تحتاج المناقشات الطويلة والجدال العقيم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *