بالنسبة لنا نحن المسلمين فإن الطعن في الإسلام أو تشويه صورته أو الإساءة إليه من قريب أو بعيد أمر لا يجوز البتة بل هو ناقض من نواقض الإيمان، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بحرية التعبير المزعومة، ولكن الغرب يزعم أن حرية التعبير هي الدافع وراء هذا السيل من الإساءات للإسلام، وأنه من ثم لا يستطيع أن يصدر قرارات إدارية بمنع الإساءة، لأن ذلك يتعارض مع حرية التعبير، وفي الحقيقة فإن هذه التعليلات مجرد كذب وخداع، لأن حماية حرية التعبير المزعومة تلك لم تمنع بلداً كفرنسا من مصادرة كتب أحمد ديدات من بلدها، ولم تمنع من محاكمة روجيه جارودي لمجرد أنه شكك في أرقام ضحايا اليهود في أفران هتلر.
والطعن في الدين أو الاستهزاء بمقدساته يدخل في باب السب والقذف وليس في معنى حرية التعبير، نفس الأمر ينطبق على تصريحات قساوسة النصارى في أمريكا أمثال “بات روبرتسون” و”جراهام بل” الذي وصف رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بالهمجية والعدوان، وتنطبق على حاخامات اليهود من أمثال “عوفاديا يوسف” الذي وصف المسلمين بالصراصير والحشرات التي ينبغي سحقها بالأقدام.
والإساءة للإسلام لم تتوقف عند هذا الحد، ولكنها وصلت إلى تمزيق المصاحف وتلويثها بالنجاسات والسير عليها بالأقدام في معسكر جوانتانامو واعترفت الإدارة الأمريكية بذلك! والأمر نفسه وقع في سجن “مجدو” الصهيوني، وتم التطاول في الدانمارك أيضا عن طريق حملة صحفية على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، كل هذا الاعتداء والحكومات الغربية تزعم أن ذلك خارج عن إطار سلطاتها لأنه يدخل في باب حرية التعبير، والحقيقة أنه سب وقذف حتى بمعايير الغرب وقوانينه ذاتها.
والحديث الغربي عن الحرية والديمقراطية أصبح حديثاً مفضوحاً، بعد ما حدث في جوانتانامو وأبو غريب وقلعة جانجي بأفغانستان وغيرها مما رصدته واعترفت به منظمات حقوقية دولية لا يمكن اتهامها بالانحياز إلى الإسلام مثلاً.
ولكن على أي حال سنجاري الغرب في أكاذيبه حول حرية التعبير، ونقبل أن نأخذ بمعاييره مؤقتاً للحكم على سبيل الإساءات للإسلام في الغرب.
فالمدعو سلمان رشدي مثلاً الذي احتفى به الغرب ومنحه الحماية والجوائز والتقدير لم يقدم كتاباً مثلاً في مناقشة الأفكار الإسلامية بل قدم قذفاً صريحاً في حق أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، وأساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وافترى على الجميع افتراءات منحطة وكلها أمور تخضع للعقوبة في أي قانون غربي، فحرية التعبير غير السب والقذف والافتراء والكذب بالطبع.
نفس الأمر ينطبق على المدعوة “تسليمة نسرين” وهي كاتبة بنغالية الأصل حذت حذو سلمان رشدي.
في الإطار نفسه سمعنا تصريحات من رئيس الوزراء الإيطالي “بيرلسكوني” الذي وصف الحضارة الإسلامية بالانحطاط والكاتبة الإيطالية “إيريا فلاشيا” التي وصفت الإسلام بكل الأوصاف المنحطة من أنه دين متخلف ووثني وعدواني بل ومقيد!
والحقيقة المريرة أن هناك أولاً ضعف عام لدى المسلمين وحكوماتهم وجماعاتهم وهيئاتهم الدينية والدبلوماسية على حد سواء تغري الآخرين بامتهان المقدسات الإسلامية والإساءة إلى الرموز الدينية، ووصل الأمر إلى حد الدعوة لضرب الكعبة الشريفة وهدم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي دعوة تكررت كثيراً في الصحف الأمريكية.
والسؤال الآن… أين الحكومات العربية، أين المؤسسات الدينية.. أين المنظمات والجمعيات التي تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا حدث اعتداء مزعوم على أي نصراني أو يهودي؟!(الإساءة إلى الإسلام في الغرب.. حرية تعبير أم وجدان صليبي، د. محمد مورو).
إننا لا نجد جوابا عن التساؤلات التي تدور في خلدنا إلا حينما نفتح كتاب ربنا وتقع أبصارنا على آيات بينات تكشف الحقيقة التي لطالما عملت جيوش جبارة على إخفائها من قبيل قول الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة)، وقوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}(البقرة)، وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة:32)