إن المتأمل لنظامنا التعليمي المغربي ليطرح العديد من التساؤلات والاستفهامات، أبرزها: لماذا تدنى مستوى التعليم ببلادنا؟ ولماذا أصبحت مدارسنا وجامعاتنا تخرج أميين بشواهد عليا؟ رغم كل جهود الإصلاح ورغم المخططات والبرامج التي وضعتها الدولة لإصلاح ما يمكن إصلاحه من هذه المنظومة الحيوية التي تعتبر الشريان الذي يضخ الطاقات والكفاءات التي من شأنها الدفع بعجلة التقدم والرقي، فكان آخر هذه المخططات: “المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم”، الذي جاء بعد تقرير بنك النقد الدولي الذي وضع المغرب في أسفل القائمة.
طبعا لن أدخل في تفاصيل هذا المخطط وما يحمله من هفوات لكني سأقف فقط عند أمرين هامين جاء بهما. أولهما إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات التعليمية وتزويدها بكل ما تحتاجه من وسائل ومعدات ديداكتيكية، والأمر الثاني تتبع الدخول المدرسي بحيث يكون الدخول مبكرا مباشرة بعد الخميس الثاني من شهر شتنبر، لكن وكالعادة فكل هذا لم يحصل طبعا فهذا المخطط لا يحمل من الاستعجالية إلا اسمه.
وأعطيكم مثالا على ذلك ففي مؤسسة موسى بن نصير التأهيلية بجماعة بومية/إقليم خنيفرة توقفت الدراسة بها الموسم الماضي ما يفوق الأسبوعين بسبب تصدع جدران معظم حجراتها جراء الأحوال الجوية القاسية التي يتميز بها الأطلس المتوسط فتسربت المياه إلى حجرات الدروس، ودخل الأساتذة في إضراب مفتوح طالبوا من خلاله إيفاد خبراء لتقييم مدى خطورة هذه الشقوق، وكذا إعادة إصلاح المؤسسة.
لكن ولأن المخطط استعجالي تأخر ذلك بحوالي عشرة أيام والدراسة متوقفة، بعد ذلك جاءت اللجنة وقيمت الوضع وتم رصد مبلغ 150 مليون سنتيم لإصلاح المؤسسة فتم تفويت المشروع لإحدى المقاولات المتخصصة في البناء، ولأن المخطط استعجالي كذلك لم تبدأ الإصلاحات إلا مع أواخر شهر يوليوز وتخيلوا معي لو أن أيًّا منا أعطي 150 مليون سنتيم ماذا يمكنه أن يعمل بها. لكن في مؤسسة تابعة للدولة أنا أقول لكم ماذا فعلت 150 مليون سنتيم بثانوية موسى بن نصير. تم طلاء الجدران الخارجية بـ”الكريفي” و تبيض الأقسام بعد إغلاق الشقوق بالأسمنت وإصلاح الأسقف وتغطيتها بطبقة من الزفت لمنع تسرب المياه للأقسام ووضع ممرات إسمنتية بساحة المؤسسة وإصلاح مكاتب المدير والحراسة العامة، هذا ولا تزال الأشغال مستمرة إلى اليوم ولا يعلم متى انتهاؤها لتبدأ الدراسة بهذه المؤسسة التي أصبحت السنة عند تلاميذها عطلة تتخللها بعض الحصص الدراسية.
إذن عرفتم الآن لماذا تأخر التعليم ببلادنا، التلميذ الذي تبتدئ العطلة عنده في شهر ماي ولا تنتهي إلا مع بداية أكتوبر حوالي خمسة أشهر، أضف إلى ذلك أيام العطل الرسمية والإضرابات. وتغيب الأساتذة، والتوقف بسبب سوء الأحوال الجوية، فكم يا ترى يبقى له حتى يدرس جميع مواد المقررات، هذا بالطبع دون الدخول في تفاصيلها ومدى تحصيله، سؤال جدير أن نقف معه. وجدير بالمسؤولين عن نظام التربية والتعليم ببلادنا أن يقفوا معه ويبحثوا لنا عن حلول عملية تخرجنا مما نحن فيه عوض استيراد المخططات والإصلاحات الغربية التي انتهت مدة صلاحيتها.