“الحيلة الكبرى” ( نقدٌ لأكذوبة “الخدعة الكبرى”) الأستاذ الباحث محمد أبوالفتح

لقد أبان مُنَظِّر الشيعة، وحامل لواء الدعوة إلى التشيع في المغرب «إدريس الهاني» من خلال مقاله «الخدعة الكبرى» على عصبيةٍ للتشيع بلغت منه العظم والنخاع، وجعلته يَقْلِبُ الحقائق ويفتري الكذب الصراح، كما كشف المقالُ عن حِقدٍ دفين على كل سُنِّيٍّ فَطِنٍ يُدرك خطورة التشيع، ويحذر منه.

إن كثرة الباطل الذي ضَمَّنَه هذا الشيعي الجَلْدُ مقالَه، تجعل تتبعه في جزئيات مقاله والرد عليها مفتقرا إلى مُؤَلَّف مستقل، وسأكتفي هنا بكشف عصبية هذا الرجل؛ وبيان ما يهدف إليه من خلال مقاله، فأقول وبالله التوفيق:
إن المتتبع للأحوال الدينية والسياسية في المغرب يعلم الحملة التي شنتها الحكومة المغربية على التشيع في المغرب، وذلك بعد أن شعرت بخطورة المد الشيعي على الأمن الروحي للمغاربة، بل وعلى الاستقرار السياسي لهذا البلد على المدى البعيد أو المتوسط.
وقد كان من آثار ذلك أن قامت وزارة الأوقاف، متمثلة في المجالس العلمية، بحملة لتوعية المغاربة بخطورة هذه النِّحلة، وبضررها على وحدة البلاد واستقرارها. هذه الحملة -وبلا شك- أزعجت إمام الشيعة في المغرب «إدريس هاني» وأَقَضَّتْ مضجعه؛ مما جعله يفكر في “حيلة كبرى” لصرف أنظار الدولة عن هذا التوجه السديد، سالكا الخطة التالية:

أولا: التظاهر بقبول المسلك الذي سلكه المغرب في الشأن الديني على مضض
وذلك لأنه لا يملك في الوقت الراهن إلا أن يستسلم للأمر الواقع مُكْرَهًا لا بَطَلاً، ويدل على ذلك قوله: “إذا قيل لي هل تريد للمغرب غير هذا (يعني المسلك الديني)، قلت: هذا أفضل لاستقرار النفوس والعقول عليه”.
تنبه -أخي القارئ- للحَيْدَةِ في الجواب، فقد كان السؤال الذي طرحه على نفسه هو “هل تريد للمغرب غير هذا”، وهو سؤال عن رأيه الخاص وما يختاره هو للمغرب، إلا أن الجواب جاء سياسيا بامتياز، خارجا عن موضوع السؤال. والسبب ظاهر: فالذي يريده الهاني للمغرب هو أن يكون على عقيدة إيران وحزب الله اللبناني، اللذين تربطه بهما علاقة وطيدة. كنتُ أتمنى أن يجيبنا الهاني عن سؤاله هذا بوضوح وشجاعة، ويمكن -إذا أراد- أن نطرح عليه السؤال بطريقة أخرى لعلنا نظفر منه بجواب واضح، فنقوله له: ما هي العقيدة التي تريدها وتختارها للمغرب لو كان لك من الأمر شيء؟؟ أَجِبْ، وَلاَ تَحِدْ.

ثانيا: صرف نظر الدولة عن مكافحة التشيع، وتوجيهها إلى محاربة التكفيريين
مستغلا في ذلك الحملة العالمية على الإرهاب، وفي ذلك يقول: “ولكن ما ليس مقبولا هو إنزال ذلك حقيقة على الضمائر الشخصية، والإساءة إلى الآخر، وإلى المختلف، إسنادا لهذا الاختيار، ومنح فرصة للتكفيريين أن ينطلقوا من داخل المؤسسات وخارجها؛ لتصفية حسابات عقائدية تقليدية، ونشر ثقافة الظلام، لا خوف على المغرب من غير ذلك”، وتأمل معي قوله: “لا خوف على المغرب من غير ذلك”، كأنه يقول للحكومة المغربية، لا تخافي من المد الشيعي، فليس هناك في العالم ما ينبغي أن تحذري منه إلا الإرهاب والتكفير، مع أن العقلاء يعلمون أن الأخطارَ التي تُهَدِّدُ أَمْنَ الدُّوَلِ أكثرُ من أن تحصر في شيءٍ واحد، وأهل العلم يستيقنون أن التشيع ليس أقل خطرا على المغرب من التكفير، بل إنه يتضمن التكفير وزيادة، ومما يدل على ذلك أن الشيعة في حقيقة أمرهم -وإن كانوا لا يعلنون ذلك في الأوساط السنية- يعتقدون أن أهل السنة قاطبة كفار وأنجاس، فهذا الخميني -الذي يصفه الهاني بالإمام- يكفر أهل السنة وينعتهم بالنواصب، ولا يجيز الصلاة عليهم، وهم عنده أنجاس (انظر كتاب تحرير الوسيلة (1/80)، وزبدة الأحكام (ص:44)، كلاهما للخميني).
بل إن الشيعة يكفرون الصحابة إلا ثلاثة منهم، ويتهمونهم بالنفاق (انظر الروضة من الكافي للكليني (ص:341) ، والتعادل والترجيح ص:26).
بل إنهم يتقربون إلى الله بلعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فمن الأدعية المشهورة عندهم، دعاء يسمونه بـ«دعاء صَنَمَيْ قريش» يلعنون فيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما (انظر «تحفة عوام مقبول» (ص:214-215)، وهذا الكتاب موثق من جماعة من كبار علمائهم المعاصرين، ومنهم: الخميني).

ثالثا: تصوير جميع المحاربين للتشيع في المغرب على أنهم تكفيريون
فكل معاد للشيعة تكفيري عند الهاني، حتى لو كان موظفا في المؤسسات الرسمية؛ ولذلك قال: “لا يغرنك تقية آحادهم، وقد تغلغلوا في المؤسسات الدينية، وهم سلفيون تكفيريون حتى النخاع، ينحنون للعاصفة تقية بينما قلوبهم مليئة بالجرأة على التكفير”، وقال نابزا بعض رجال المؤسسات الدينية الذين يحاربون التشيع في المغرب: “ما أكثر التكفيريين الذين يلبسون الجلباب والطربوش الأحمر”. وفضح نفسه حين قال عن الزمزمي: “لذلك استاء أمثال الزمزمي أحد التكفيريين المحترقين، ودعا إلى محاربة التصوف المغربي حتى لا يكون حضنا للفكر الشيعي”، فالزمزمي وإن كنا نخالفه كثيرا، إلا أن ذلك لا يمنعنا من أن ننصفه، وأن نبرئه مما هو منه براء، فالجميع يعلم أنه ليس تحت قبة البرلمان تكفيري واحد. لكنها قاعدة الهاني الجائرة التي لا تستثني أحدا: «كل معاد للشيعة تكفيري».
ومن هذا المنطلق أخرج الهاني شيخ الإسلام ابن تيمية من قبره -بعد سبعة قرون من وفاته- ليحكم عليه بأنه «كبير التكفيرين»، وما ذلك إلا لأنه قد أعطى ضربات موجعة للشيعة في كتابه «منهاج السنة»؛ ولذلك لم يصبر الهاني طويلا حتى فاه بما في نفسه، فقال عن منهاج السنة: “فهو منهاج الضلال لا منهاج السنة”.
وفضح نفسه مرة أخرى حين قال عن شيخ الإسلام، متحدثا عن سبب سجنه: “بل حدث ذلك بسبب تكفيره لكثير من علماء المذاهب الأربعة”، فنطلب من الهاني قائمة بأسماء العلماء الذين كفرهم شيخ الإسلام، كيف وهو الذي قال: “هذا مع أني دائما -ومن جالسني يعلم ذلك مني- أني من أعظم الناس نهيا عن أن يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها، كان كافرا تارة، وفاسقا أخرى، وعاصيا أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها: وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية” (مجموع الفتاوى 3/229).
ومما يؤكد قاعدة «كل معاد للشيعة تكفيري» عند الهاني قوله صراحة: “وإذا وجدت اليوم من لم يهدأ له بال في الخصومة ضد الشيعة، فذلك ليس من شأن السنة التي تمثل أغلبية العالم العربي، بل هو من شأن شرذمة من التكفيريين تعد ببضعة آلاف، تمثل أقلية إزاء السنة والشيعة معا” فالذين يعادون الشيعة ويحاربون المد الشيعي في العالم الإسلامي هم التكفيريون فقط عند الهاني، والنتيجة الحتمية لهذه المعادلة هي: «كل معاد للشيعة تكفيري».

رابعا: تأجيج الخلاف بين أهل السنة فيما بينهم: وذلك لشغل بعضهم ببعض عن التصدي للأخطبوط الشيعي الذي يلتف حول جسد الأمة في صمت مُميت، ويتجلى ذلك في محاولته التحريش بين الحنابلة وغيرهم من أصحاب المذاهب الأخرى، وفي ذلك يقول: “أكثر النزاعات فجّرها قوم من الحنابلة في الماضي وفي الحاضر، فإذا كان بعض الحنابلة كفروا كل من ليس حنبليا ولو كان من أهل السنة، فأي كرم في الإنصاف تنتظره منهم تجاه الشيعة؟!”
ولذلك فقد اخترت أن لا أنجر وراءه، وأن لا أجهد نفسي في الرد على تلبيساته التي شحن بها كلامه عن موقف السلفيين من مالك والأشعري والجنيد، وعن موقف الحنابلة من أصحاب المذاهب الأخرى، فهذا دأب الشيعة قديما وحديثا، يؤججون نار الخلاف بين أهل السنة، ويبحثون عن الأحقاد القديمة ويحيونها من أجل التفريق بين المسلمين، ولذلك تجدهم وبعد 14 قرنا ما زالوا يتباكون على مظلومية علي رضي الله عنه، ويلعنون من خالفه من الصحابة رضي الله عنهم، وأما نحن فنقول: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” [البقرة: ١٣٤].
لا أدري لماذا هؤلاء الشيعة لا يريدون أن يفكروا يوما في طي صفحة الماضي الذي لم يحضره واحد منا، وأن نجتمع فيها على كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فلقد كفى الأمة ما قد جرى؟!
وأقول لإدريس دع عنك وظيفة إبليس، فالخلاف بين أصحاب المذاهب الأربعة قريب، وإنما يحصل بينهم أحيانا من شنآن، يحصل مثله بين الإخوة والخِلاَّن، فأهل السنة يُحسنون تدبير الخلاف بينهم، ولم يطلب منك أحد أن تتدخل بينهم بـ(خيط أسود). فاخسأ يا إ..يس!

خامسا: تصوير الشيعة على أنهم كالحَمَل الوديع، وأنهم ظراف كالخراف
وفي ذلك يقول: “في كل تاريخنا كان النزاع فكريا لم يمنع من أن يتتلمذ الشيعة على السنة والعكس، حتى في حقب كثيرة كان بعض الحكام من السنة ينتدبون فقهاء شيعة لمنصب القضاء على المذاهب المختلفة”، وكأنه يخطب ود الحكومة، ويتمنى أن يكون له منصب فيها لينفث التشيع في البلاد والعباد. وقال كاذبا: “وموقف الشيعة من السنة ليس تكفيريا يقول بقتالهم وإخراجهم من الملة مهما بلغ الاختلاف”، بل تجرأ أكثر من ذلك فقال متملقا: “لو أن أهل السنة الحقيقيين أدركوا ما قدمه الشيعة في مواجهة هؤلاء التكفيريين، لعرفوا أن الشيعة هم من منع التكفيريين من أن يسرقوا السنة من أهلها”.
وغرضه بهذا كله هو أن يقنع القارئ بأن الخلاف بين أهل السنة والشيعة، أهون بكثير من الخلاف الحاصل بين أهل السنة فيما بينهم (الحنابلة من جهة، والمذاهب الأخرى من جهة ثانية)، كَاتِماً حقيقةَ البون الشاسع بيننا -معشر أهل السنة- وبين هؤلاء الشيعة الذين يطعنون في الصحابة ويكفرونهم إلا نزرا يسيرا منهم، ويعتقد علماؤهم تحريف القرآن (انظر فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للطبرسي)، ويعتقدون عصمة أئمتهم الإثني عشر، وغيرها من العقائد الباطلة التي لا يعلنون بها في الإعلام الموجه لأهل السنة.
هذه هي خطوات «الحيلة الكبرى» التي سلكها هذا الشيعي المحترق، من أجل صرف الأنظار عن خطر المد الشيعي في العالم الإسلامي السني، وخلاصة ما صنعه في مقاله هذا، هو تضخيم الخلاف الحاصل بين مذهب الحنابلة -الذي هو مذهب الدولة السعودية عدوة إيران- وبين غيره من المذاهب السنية الأخرى، والتهوين إلى حد كبير من شأن الخلاف بين أهل السنة وبين الشيعة الإمامية الذين تتبنى إيران عقيدتهم، والنتيجة: استمالة الشعب المغربي نحو الدولة الإيرانية التي تربطه بسفارتها علاقة إدارية، نظرا للدعوات الكثيرة التي يتلقاها لزيارة إيران (أقر بذلك في حواره مع أسبوعية “ماروك ايبدو انترناسيونال” سنة 2002، انظر موقع إيلاف http://www.elaph.com/Web/Archive/1038829080266844100.htm)، فلا أستبعد أن يكون هذا الرجل مأجورا من طرف إيران لأجل تصدير الثورة الخمينية إلى المغرب.
وبهذا ينتهي ما قصدته من البيان، فأرجو أن يكون في ذلك تبصرة للجميع بخطورة هذا الشخص على الأمة المغربية، كما أرجو أن لا تنطلي حيلته على أحد من أهل السنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *