صيام رمضان واجب على كل مسلم عاقل بالغ قادر مقيم، خالٍ من الموانع. وعلامةُ البلوغ الخاصة بالمرأة؛ خروج الحيض، وبعض البنات يحضن في سن مبكر، ولا يصمن، ظانات أنهن دون سن التكليف، وهذا خطأ، وعلى من وقعت فيه أن تقضي الأيام التي أفطرتها.
فخروج دم الحيض والنفاس من المفطرات؛ ولا يجوز للحائض والنفساء أن تصوما بالإجماع:
عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟». [رواه مسلم (79)].
ويجب على المرأة أن تقضي ما أفطرته من الأيام بسبب الحيض أو النفاس، ولا يجوز لها تأخيره إلى ما بعد رمضان التالي:
قالت عائشة: «كان يصيبنا ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة». [متفق عليه].
فإذا حاضت المرأة في أثناء نهار يومٍ مِن رمضان فإنها تفطر بذلك، فإذا كانت حائضا ثم طهرت أثناءه فلا يلزمها الإمساك؛ لأن النهار في حقها غير محترم (1)، ويجب عليها قضاء ذلك اليوم، وإذا طهرت قبل الفجر ثم طلع هذا الأخير وهي لم تغتسل بعدُ، صحَّ صومها كالذي يصبح جُنبا، لكن ينبغي عليها أن تغتسل قبل طلوع الشمس، لتؤدي صلاة الصبح في وقتها.
والمستحاضة كالطاهرة، تصوم وتصلي، والاستحاضة: دم يخرج من المرأة في غير أوقاته المعتادة، يسيل من العاذل؛ وهو عرق في أدنى الرحم دون قعره.
أما الإفرازات التي تخرج من المرأة غير المني والمذي، فليست بنجسة، ولا ناقضة للطهارة ولا للصوم؛ والدليل: البراءة الأصلية.
ويُرَخّص للحامل والمرضع في الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن الحامل والمرضع الصيام». [رواه الترمذي (715) وحسنه].
أي: وضع عنها وجوب الصيام.
وعليهما الفدية دون القضاء:
لِما ثبت عن عبد الله بن عباس؛ أنه قال لامرأة حامل: «أنت من الذين لا يطيقونه، عليك الجزاء وليس عليك القضاء». (2)
وصح أيضا نحوه عن ابن عمر(3) ، ولا يُعلم لهما مخالف من الصحابة.
والفدية: هي أن يطعم المسلم بدل كل يوم أفطره مسكينا، و يقال لها أيضا الجزاء.
ويُشرع للمسلم في ذلك ما ثبت عن أيوب عن أنس: «أنه ضعف عن الصوم عاما، فصنع جفنة من الثريد، ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم». [رواه الدار قطني (2/207/16) بسند صحيح].
فيصنع صاحب الفدية طعاما، ويدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليه.
والكُحل لا يُفَطِّر عند الجمهور، إذ لا دليل على كونه مفطرا.
وثبت عن أنس رضي الله عنه: «أنه كان يكتحل وهو صائم». (4)
ومِثْل الكحلِ: قطرة العين، فإنها لا تُفَطِّر، ولو وَجَد الصائمُ طعمَها في حلقه، ومثلها أيضا قطرة الأُذن.
هل يصح صيام المتبرجة؟
التبرج وترك الحجاب؛ معصية بإجماع العلماء، وقد اختلفوا في حكم من تعمد المعصية وهو صائم؛ فذهب بعضهم إلى أن صومه يفسد بذلك:
قال العلامة ابن حزم: “ويُبطِلُ الصومَ أيضا تعمدُ كلِّ معصيةٍ -أيَّ معصية كانت لا تُحاشِ شيئا- إذا فعلها عامدا ذاكرا لصومه”. (5)
والجمهور على أن صيامه صحيح، لكن لا يؤجر عليه، بل يُحرم الثواب بسبب المعصية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- – وهكذا كل من أفطر بسبب يبيح له الفطر، فلا يلزمه الإمساك بقية اليوم؛ كالمسافر إذا قدم، والمريض إذا شفي.
- – رواه ابن حزم (4/411) والدار قطني (2/27) وصححه.
- – رواه ابن حزم (4/411).
- – السنن (2378) وقال الألباني: “حسن موقوف”.
- – المحلى بالآثار (4/304).