“لقد كان لكن فيهنّ أسوة حسنة” المرأة والصدقة حمّاد القباج

إن أمتنا لن تنجو من أوحال الضعف والذل، ما دامت الممثلات قدوة نسائنا، والمغنيات مناط إعجابهن، وعارضة الأزياء محط اهتمامهن.

ألم يأن للواتي آمَنَّ أن يفقن من سباتهن، ويصحين من غفلتهن؛ فيرجعن للاضطلاع بدورهن العظيم في إصلاح الأمة، وصنع أجيال النصر؟!
بلى والله؛ قد آن الأوان أن تُوَلّي المسلمة وجهها شطر القدوة الحسنة، والأسوة الطيبة، التي تأخذ بيدها إلى علياء المجد، وسماء العز، وتجعل منها ينبوع الكرامة وسبب التمكين:
زينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أهل السِّيَر: كانت صالحة صوامة قوامة صناعاً، تتصدق بذلك كله على المساكين.
صناعا: أي تمارس صنعة بيدها، وتجعل ربحها كله للفقراء والمساكين.
في الصحيحين واللفظ لمسلم من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً” قال: فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: وكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق.
وفي رواية قالت عائشة: “فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد طول اليد بالصدقة؛ وكانت زينب امرأة صناع اليدين، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله”.
حتى العطاء الذي كانت تصرفه لها الدولة، جادت به نفسها في سبيل الله:
أخرج ابن سعد في الطبقات عن محمد بن كعب: كان عطاء زينب بنت جحش اثني عشر ألفاً، لم تأخذه إلا عاماً واحداً، فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال من قابل، فإنه فتنة، ثم قسمته في أهل رحمها وفي أهل الحاجة، فبلغ عمر فقال: هذه امرأةٌ يراد بها خير. فوقف عليها، وأرسل بسلام وقال: بلغني ما فرّقت. فأرسل بألف درهم تستبقيها، فسلكت به ذلك المسلك”. رضي الله عنها وأرضاها.
.. إنها امرأة فقهت قول ربها: “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (البقرة)
ومن عاش على شيء مات عليه:
أخرج ابن سعد عن القاسم بن محمد قال: قالت زينب حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددت كفني، وإن عمر سيبعث إلي بكفن، فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم أن تتصدقوا بِحِقْوي فافعلوا”.
الحقو: الإزار.
قالت عمرة: سمعت عائشة تقول: لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل.
رحم الله أمنا ورضي عنها، وجعلها أسوة لنسائنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *