طُعُون في قراءة حمزة الزيات والجواب عنها الشيخ محمد برعيش الصفريوي

ورغم عد حمزة من القراء السبعة بل ومن أئمة القراءة فقد ذم بعض الأئمة قراءته.

فقد جاء عن أحمد أنه قال: أكره قراءة حمزة1، وقد أشار إلى هذا الإمام المرداوي وهو من الحنابلة في نظم الآداب قائلا:
وحمزة جانب الكسائي حرفه فكلتاهما مكروهة في المؤكد2
وقال الآجري عن أحمد بن سنان: كان يزيد يعني ابن هارون يكره قراءة حمزة كراهية شديدة3.
وعن سليمان بن أبي شيخ قال: كان يزيد بن هارون أرسل إلى أبي الشعثاء بواسط لا تقرأ في مسجدنا قراءة حمزة4.
وقال أحمد بن سنان: سمعت ابن مهدي يقول: لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لأوجعت ظهره وبطنه5.
وقال أبو بكر بن عياش: قراءة حمزة عندنا بدعة6.
وقال سفيان بن عيينة: لو صليت خلف إنسان يقرأ قراءة حمزة لأعدت صلاتي7.
وقال ابن دريد: إني لأشتهي أن يخرج من الكوفة قراءة حمزة8.
وأسند ابن أبي حاتم عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الإمام كان يقول: “..لا يكون الرجل صاحب سنة حتى يكون فيه ثلاث خصال: يقول القرآن ليس بمخلوق، ويقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ويترك قراءة حمزة”9.
وأسند الخطيب عن محمد بن عبد الله الحضرمي أنه قال: قرأ عثمان بن أبي شيبة “فضرب بينهم بسنور له ناب”، فقال له بعض أصحابه إنما هو “بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ”، فقال: أنا لا أقرأ بقراءة حمزة، قراءة حمزة عندنا بدعة10.
وغير ذلك من النقول التي تركتها اختصارا، وسأستوفيها في بحث خاص يسر الله طبعه حول حمزة وقراءته.
والجواب عن هذه الطعون أن يقال:
إن قراءة حمزة قد انعقد الإجماع على تلقيها بالقبول ويكفي حمزة شهادة الثوري له فإنه قال ما قرأ حمزة حرفا إلى بأثر11.
وقال أبو حنيفة: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض.
وكان شعيب بن حرب يقول لأصحاب الحديث: ألا تسألوني عن الدر: قراءة حمزة (السير 7/91).
وقال يحيى بن معين: القراءة عندي قراءة حمزة.. (أخرجه الصيمري في أخبار أبي حنيفة ص:87، والخطيب في التاريخ 13/347).
وهي قراءة متواترة ولا زال الناس يقرؤون بها في جميع البقاع والأمصار وفي سائر الأعصار إلى زماننا هذا، وقد نقلها أئمة هذا الشأن كالداني، ومكي القيسي، وابن شريح، وطاهر بن غلبون، وأبي معشر الطبري.. والشاطبي والجزري بأسانيدهم إلينا مما يضعف ويقلل من شأن تلك الطعون المتواردة فيها، ويكفي في عدم اعتبار تلك الطعون أنها جاءت من أناس لا حظ لهم في هذا العلم، أو أن حظهم فيه قليل، وكما يقال “لكل مجال رجال”، ولهذا قال أحمد: “أنتم أهل القرآن، وأنتم أعلم به” (طبقات الحنابلة 1/323).
ولعل ذم من ذم قراءة حمزة من الأئمة ربما كان لأجل مبالغة بعض من يقرأ بقراءته فيها.
ويدل على هذا قصة وهي: أن رجلا قال لحمزة يا أبا عمارة رأيت رجلا من أصحابك همز حتى انقطع زره فقال: لم آمرهم بهذا كله.
وعنه قال: إن لهذا التحقيق حدا ينتهي إليه، ثم يكون قبيحاً (السير7/91).
وهذا ما أومأ إليه ابن الجزري في غاية النهاية (1/115).
وفاته رحمه الله تعالى
توفي حمزة رحمه الله بحلوان في خلافة أبي جعفر المنصور سنة ست وخمسين ومائة (156هـ)12، وقيل سنة 158هـ، قاله الذهبي في الكاشف 1/35، ووهمه ابن الجزري في غاية النهاية.
وبهذا ننهي ترجمة الإمام حمزة الزيات، وقد بقي فيها أشياء كثيرة سأعرضها بتفصيل في البحث الموعود به إن شاء الله تعالى، ويسر الله إتمامه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- مسائل المروذي كما في بحر الدم ص:46 ، وسؤالات إسحاق بن هانئ.
2- الألفية في الآداب الشرعية.
3- سؤالات الآجري لأبي داود، ص:164.
4- تهذيب الكمال 7/317.
5- سؤالات الآجري لأبي داود، ص:164
6- أخرجه الفسوي في تاريخه 2/148، والدينوري في المجالسة 1/642.
7- أخرجه الدينوري في المجالسة 1/643، والشرح الكبير لابن قدامة 1/335.
8- ….
9- العلو للذهبي ص:182.
10- الجامع 2/233، وأخبار الحمقى لابن الجوزي ص:73.
11- السبعة لابن مجاهد ص:76، والتهذيب 3/25.
12- الطبقات 6/385، والثقات لابن حبان 6/228.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *