القارئ السابع: الإمام الكسائي الشيخ محمد برعيش الصفريوي

ثناء الناس عليه:
قال أبو عبيد في كتاب القراءات: كان الكسائي يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا، وكان من أهل القراءة وهي كانت علمه وصناعته، ولم يجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه. (غاية النهاية ص240).
وقال ابن مجاهد: وكان علي بن حمزة الكسائي قد قرأ على حمزة ونظر في وجوه القراءات وكانت العربية علمه وصناعته، واختار من قراءة حمزة وقراءة غيره قراءة متوسطة غير خارجة عن آثار من تقدم من الأئمة.
وكان إمام الناس في القراءة في عصره، وكان يأخذ الناس عنه ألفاظه بقراءته عليهم. (السبعة ص:53).
وقال عنه ابن الأعرابي: كان الكسائي أعلم الناس، ضابطا عالما بالعربية، قارئا صدوقا.. (بغية الوعاة 2/163).
وقال عنه الفيروزأبادي: الإمام المعلم المقرئ. (البلغة ص:44).
قال ابن الأنباري: اجتمع فيه أنه كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وأوحد في علم القرآن، كانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط عليهم، فكان يجمعهم ويجلس على كرسي، ويتلو وهم يضبطون عنه حتى الوقوف. (السير 9/132).
وقال خلف كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يقرأ على الناس وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم، ولم يُقِم بالكوفة كان يتنقل في البلاد. (السبعة ص:53).
وقال الذهبي: كان الكسائي ذا منزلة رفيعة عند الرشيد، وأدب ولده الأمين، ونال جاها وأموالا. (السير9/134).
وقال فيه ابن الجزري: أبو الحسن الكسائي الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات. (غاية النهاية ص:239).
علمه بالنحو واللغة
وأما علم النحو واللغة فكان له منهما نصيب أكبر وحظ أوفر.
فقد قرأ النحو على معاذ، ثم على الخليل، ثم خرج إلى بوادي الحجاز ونجد وتهامة، وكتب عن العرب كثيرا. (البلغة ص:44).
قال الفراء: إنما تعلم الكسائي النحو على كبر، وكان سبب تعلمه أنه جاء يوما وقد مشى حتى أعيى، فجلس إلى الهارين وكان يجالسهم كثيرا، فقال: قد عييت، فقالوا له: أتجالسنا وأنت تلحن؟! فقال: كيف لحنت؟ قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل: أعييت، وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل: عييت مخفقة، فأنف من هذه الكلمة، ثم قام من فوره ذلك، فسأل عمن يعلم النحو، فأرشده إلى معاذ الهراء فلزمه حتى أنفد ما عنده.
ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل وجلس في حلقته، فقال له رجل من الأعراب: تركت أسد الكوفة وتميمها وعندها الفصاحة وجئت إلى البصرة؟ فقال للخليل من أين أخذت علمك هذا؟ فقال: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة، فخرج ورجع وقد أنفد خمس عشرة قنينة حبرا في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ، فلم يكن له هم غير البصرة والخليل، فوجد الخليل قد مات وقد جلس في موضعه يونس النحوي، فمرت بينهم مسائل أقر له يونس فيها وصدره موضعه. (أخرجه الخطيب عنه في تاريخ بغداد 11/404).
وعن الأصمعي قال: أخذ الكسائي اللغة عن أعراب من الحطمة ينزلون بقطربل، فلما ناظر سيبويه استشهد بلغتهم عليه، فقال أبو محمد اليزيدي :
كنا نقيس النحو فيما مضى ** على لسان العــرب الأولِ
فجاء أقوام يقيســـونه ** على لغى أشياخ قُطْرُبُّـــلِ
فكلهم يعمل في نقـض ما ** به نصاب الحق لا يأتـــلي
إن الكسائي وأصحــابه ** يرقون في النحو إلى أســفل
وعن الفراء، قال: قال لي رجل: ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو؟! فأعجبتني نفسي، فأتيته فناظرته مناظرة الأكفاء، فكأني كنت طائرا يغرف بمنقاره من البحر. (بغية الوعاة 2/163).
قال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. (السير9/132).
وقال يحيى بن معين: ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي. (جامع البيان ص46).
وقال عنه السيوطي: إمام الكوفيين في النحو واللغة. (بغية الوعاة 2/163).
ومن أشعاره
لولا الثريد إن هلكنا بالضُمُر*** ثريد ليل وثريد بالنُّهُــــر
الجرح والتعديل 6/182
وقيل: لَمُتْنَا بالضُّمُرْ وقيل: لَبِثْنا بالضُّمُرْ وقيل: هلَكْنا بالضُمُرْ.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد، وقد بقي فيها تكملة سنتمها في العدد القادم إن شاء الله تعالى، فترقبوا ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *