“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” من آثار أسماء الله الحكيم الحكم الحاكم الحلقة السادسة والثلاثون ناصر عبد الغفور

7- من أعظم مجالات الحكمة الدعوة إلى الله تعالى:
تعتبر الدعوة إلى الله جل وعلا من أعظم الأعمال وأجل القربات، وقد وردت نصوص كثيرة في بيان عظم شأنها وعلو منزلة صاحبها:

  • فالداعي إلى الله يعد من أحسن الناس قولا: قال تعالى: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”.
  • للداعي مثل أجور من تبعه: قال صلى الله عليه وسلم: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا” صحيح مسلم.
  • ثواب الداعي مستمر بعد موته، لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” صحيح مسلم.
  • عظم ثواب الداعي إذا اهتدى على يديه شخص، لقوله صلى الله عليه وسلم: “فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم” صحيح البخاري.
  • الداعي ومعلم الناس الخير يحظى بصلاة الله عليه وصلاة من في السموات والأرض؛ روى الإمام الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير” صحيح سنن الترمذي.
  • الداعي إلى الله والمبلغ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوز بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، فعن جبير بن مطعم مرفوعا: “نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها…” صحيح سنن ابن ماجة .1
    وإن من أعظم بل ومن أول طرق الدعوة إلى الله تعالى طريق الحكمة، قال تعالى: “ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” النحل:125، فلعظم شأن الحكمة في الدعوة كان البدء بها.
  • “ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل، والبداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون أتم، وبالرفق واللين” .2
    والحكمة في الدعوة تقتضي العلم بثلاث أمور: بكيفية الدعوة، وحال المدعو، وبما يدعو إليه.
  • “والحكمة تجعل الداعي إلى الله يقدر الأمور ويعطيها ما تستحقه، فلا يزهد في الدنيا والناس في حاجة إلى النشاط والجد والعمل، ولا يدعو إلى الانقطاع والانعزال عن الناس والمسلمون في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم وأعراضهم، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في أمَسِّ الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما تقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح له صدورهم، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم” .3
    ومن أوجه الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى: استعمال الرفق في موضعه والشدة في موضعها، ومن أمثلة ذلك في القرآن، قوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: “اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى”، فأمرهما باللين مع أكبر طاغية في التاريخ.
    وفي آية أخرى نجد موسى عليه السلام يستعمل الشدة معه فيقول: “قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً”، فكان الأمر باستعمال الرفق واللين مع فرعون لأن ذلك كان في بداية دعوته وإرشاده، لكن لما استمر في غيه وعناده ولم ينفع معه اللين قوبل بما يستحق من الغلظة والشدة.

  1. “الحرص على هداية الناس في ضوء النصوص وسير الصالحين” للدكتور فضل إلهي، ص:7-10، باختصار وتصرف.
  2. تيسير الرحمن، ص:404.
  3. “الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى” للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *