يظهر جليا أن منظومة القيم الإسلامية لا تعني لهؤلاء العلمانيين شيئا، بل يعتبرونها العائق الكبير الذي يحول دون إقرار علمانية شاملة لكل مناحي الحياة في المغرب المسلم، لذا فهم يشنون حربا عليها دون التعرض صراحة إلى الإسلام كقرآن وسنة، حيث يركبون على الممارسة التطبيقية لأحكامهما شاجبين إياها باعتبارها تخالف المواثيق الدولية، كما دلت على ذلك مواقفهم من المفطرين عمدا في نهار رمضان، ومن اللواط في أكثر من مناسبة، ومن بيع الخمور، ومن ممارسة الزنا.
إن الإغراق في اتباع الآخر، والانسلاخ عن قيم المجتمع المسلم، والحرب على الثوابت وتبني المنهج الغربي العلماني للحياة، هي من أسس مشروع دعاة العلمانية في المغرب الجديد، فهل سيصدّ الحريصون على هويتهم وقيمهم من العلماء والفقهاء هؤلاء المستغربين، أم سيلزم الكل الصمت حتى يصير المغرب بلدا علمانيا لا يعترف بدين مؤسس لقيمه وقوانينه، ويعتمد القوانين الكونية مرجعا له، ما يعني نبذ شريعة الله بالكلية؟؟
لا شك أن تحديد مقومات ومبادئ وأسس المغرب الحديث الذي تسعى إلى الوصول إليه العديد من مكونات المجتمع المغربي، تختلف من مكون لآخر، غير أن المنظومة القيمية والأخلاقية التي يسعى لبلوغها العلمانيون في المغرب، هي منظومة جديدة تناقض تلك التي عرفها المغرب منذ أن اكتسب هويته الدينية الإسلامية والتي حافظ عليها المجتمع جيلا بعد جيل ودولة بعد دولة على اختلاف أسَرِها الحاكمة، ولمعرفة تلك المنظومة العلمانية الجديدة التي يستقوي أصحابها بالخارج لفرضها قسرا على المغاربة نطلع القراء الكرام على تصريحات بعض هؤلاء العلمانيين حول قناعاتهم وما يتبنونه:
فوزية العسولي (رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة): “يجب على القائمين على مدونة الأسرة أن يغيروا التشريع الذي يفرق بين الذكر والأنثى، ويميز بينهما في الإرث، وإبطال القاعدة الفرضية المعتمدة على قوله تعالى: “يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ”، لتطور المجتمع وكون المرأة صارت مشاركة في العمل والإنفاق داخل البيت الأسري”.
أحمد بنشمسي (التلميذ الوفي للفرانكفونية): “ليس النموذج هو مجتمع بدون أخلاق، بل هو مجتمع يقبل جانبه اللاأخلاقي، ويتسامح معه، مجتمع لا يعاقب فيه من اختار سلوكا يخالف الجماعة قانونا وأخلاقا”.
عبد الصمد الديالمي (عالم الاجتماع الجنساني): “يجب أن نعيش تحررا جنسيا، لا قيود على الجنس، لأنه أكبر القيم التي نعيش من أجل تحقيقها، وهو أساس العلاقات والتواصل، ووضع القيود عليه سيشكل إكراها لتحقيق الذات، والمجتمع المغربي يعيش ذلك في الخفاء، ويحتاج أن يعلنه للجميع..”.
حكيمة حميش (رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة داء فقدان المناعة المكتسبة): “العفة لا تملى إذا أراد الشباب أن يتعففوا فذلك اختيارهم، غير أن التزام العفة إلى حين الزواج ليس حلا واقعيا من وجهة نظري. كما ينبغي أن نشجع ثقافة استعمال العازل الطبي، وهذا حل منطقي في السجون بدل عزل المثليين عن الأسوياء”.
مجموعة نداء الحريات الجديدة: “المطالبة بمنظومة أخلاق جديدة قائمة على الحرية الفردية التي لا تتقيد بقيد شرعي أو قانوني (إلا باعتبار الموانع الكونية)، وتمكين أي أحد من اختياره غير الأخلاقي أو اللا قانوني، من أجل الدفع بعجلة المغرب الحداثي..!!”.
سمير بركاشي (رئيس جمعية “كيف كيف” للواطيين): “نطالب بسن قوانين تحمي اللواطيين وتمكنهم من ممارسة سلوكياتهم بحرية، ودون ضغط القانون والأخلاق والمجتمع المغربي”.
زينب الغزوي ومجموعتها في الفايسبوك: “الدعوة بالسماح للمفطرين في رمضان أن يجاهروا بذلك أمام الملأ، واحترام اختيارهم بتعطيل القانون المانع لذلك”.
أحمد عصيد (الأمازيغي العلماني): “من حق أي مغربي أراد أن يرتد عن الإسلام ويختار دينا جديدا من تمتيعه بهذا الحق، لأننا لا نمارس الوصاية على أحد، والإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغيير ورفض شرائعه”.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (رئيستها خديجة الرياضي): “رفع كل التحفظات عن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها، وإقرار دستور ديمقراطي ينص على المساواة بين الجنسين في الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى فصل الدين عن الدولة، وينص على سموِّ المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الداخلية للبلاد”.
بيت الحكمة (رئيسته خديجة الرويسي): “المطالبة بإلغاء القوانين التي تعتبر أن الخمر لا يباع إلا للأجانب، أو التي يعاقب بموجبها مواطنون مغاربة على شرب الخمر أو اقتنائها، وتبني الموقف القانوني من الخمر في الدول الغربية غير المسلمة، لتمتيع السكارى باختيارهم الفردي..”.
يظهر جليا أن منظومة القيم الإسلامية لا تعني لهؤلاء العلمانيين شيئا، بل يعتبرونها العائق الكبير الذي يحول دون إقرار علمانية شاملة لكل مناحي الحياة في المغرب المسلم، لذا فهم يشنون حربا عليها دون التعرض صراحة إلى الإسلام كقرآن وسنة، حيث يركبون على الممارسة التطبيقية لأحكامهما شاجبين إياها باعتبارها تخالف المواثيق الدولية، كما دلت على ذلك مواقفهم من المفطرين عمدا في نهار رمضان، ومن اللواط في أكثر من مناسبة، ومن بيع الخمور، ومن ممارسة الزنا.
إن العجب ليس من هؤلاء المستغربين بل العجب كل العجب من الذين يفترض فيهم أنهم حماة الأخلاق والذابين عن الدين، فالساحة تكاد تخلو من مواقف مشرفة تعيد الأمل للمغاربة في إصلاح طال انتظاره، اللهم حالات معزولة بين الفينة والأخرى لا ترقى إلى مستوى الحرب الضروس التي يشنها العلمانيون على مقومات الهوية المغربية ودعائم الشريعة الربانية.
إن الإغراق في اتباع الآخر، والانسلاخ عن قيم المجتمع المسلم، والحرب على الثوابت وتبني المنهج الغربي العلماني للحياة، هي من أسس مشروع دعاة العلمانية في المغرب الجديد، فهل سيصدّ الحريصون على هويتهم وقيمهم من العلماء والفقهاء هؤلاء المستغربين، أم سيلزم الكل الصمت حتى يصير المغرب بلدا علمانيا لا يعترف بدين مؤسس لقيمه وقوانينه، ويعتمد القوانين الكونية مرجعا له، ما يعني نبذ شريعة الله بالكلية؟؟