سنن مندثرة ومنهيات منتشرة

السنة: خلع النعلين عند المشي بين القبور

عن بشير مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة فإذا رجل يمشي بين القبور عليه نعلان فقال: “يا صاحب السِّـبــتيـَّــتَـين ويحك اخلع سِبتِيّتَيك” فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما) رواه أبو داوود وصححه ابن حجر والذهبي.

التعليق:
في الحديث كراهة المشي بالنعال بين القبور.
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله في شرح سنن أبي داوود: “ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر والاتكاء على القبور والوطء عليه علم أن النهي إنما كان احتراماً لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رؤوسهم”.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم “أن الجلوس على الجمرة حتى تحرق الثياب خير من الجلوس على القبر” ومعلوم أن هذا أخف من المشي بين القبور بالنعال.. وعلى هذا: فلا فرق بين النعل والجمجم والمداس والزربول”.
قال الخطابي: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن أن توطأ القبور).
قال ابن عثيمين: “المشي بين القبور بالنعال خلاف السنة والأفضل للإنسان أن يخلع نعليه إذا مشى بين القبور إلا لحاجة إما أن يكون في المقبرة شوك أو شدة حرارة أوحصى يؤذي الرِّجل فلا بأس به أن يلبس الحذاء أو يمشي به بين القبور” اهـ.

المنهي عنه: المشي بنعل واحدة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ليحُـفهما جميعاً أو ليُنعلهما جميعـًا”. رواه البخاري ومسلم.

التعليق:
العلة من ذلك جاءت في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أن الشيطان يمشي في النعل الواحدة”. أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار وصححه الألباني.
قال النووي: يكره المشي في نعل واحدة أو خف واحد أو مداس واحد إلا لعذر. اهـ.
قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: (كراهة أن ينتعل الإنسان برجل واحدة أو يلبس خفاً واحدة بل إما أن يُـحفهما جميعـًا، يعني لا يلبس في الرجلين شيئـًا وأما أن ينعلهما جميعـًا”.
وليعلم أن لبس النعال من السنة والاحتفاء من السنة أيضاً، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإرفاه وأمر بالاحتفاء أحياناً كما جاء في حديث فضالة بن عبيد عند أبي داوود(1)، والإنسان يلبس النعال لا بأس بذلك لكن ينبغي أحياناً أن يمشي حافياً بين الناس ليظهر هذه السنة.
قال ابن عثيمين في النهي عن المشي بنعل واحدة: ووجه ذلك والله أعلم أن الدين الإسلامي جاء بالعدل حتى في اللباس لا تنعل إحدى الرجلين وتترك الأخرى لأن هذا فيه جور على الرجل الثانية التي لم تُـنعل فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المشي في نعل، قال العلماء: (ولو لإصلاح الأخرى) ولهذا جاء في حديث أبي هريرة “إذا انقطع شسع أحدكم فلا يلبسها حتى يصلح الأخرى ثم يلبسهما جميعـاً” رواه مسلم. (انظر: سنن مندثرة.. ومنهيات منتشرة، لعبد الله الفريح).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- عن فضالة بن عبيد أن بعض الصحابة قال له بمصر: “ما لي أراك شعثاً وأنت أمير الأرض؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه؛ قال: فما لي لا أرى عليكَ حذاء؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً” (رواه أحمد وأبو داود).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *