الخلاف بين من يتبنى الإسلام عقيدة وعملا؛ وبين من يعتمد العلمانية مرجعية ومنهجا ليس قاصرا على موضوع المرأة وحقوقها فحسب؛ بل هناك تناقض صارخ بين المرجعيتين في مجالات عدة، ولإطلاع القراء الكرام على مزيد من صور الخلاف والتناقض الواقع بين تعاليم الإسلام والمرجعية الدخيلة على المغرب، نورد تصريحات بعض هؤلاء العلمانيين حول قناعاتهم وما يتبنونه وما يخططون له ويتوخون تحقيقه في المغرب:
أحمد عصيد (الأمازيغي العلماني): “من حق أي مغربي أراد أن يرتد عن الإسلام ويختار دينا جديدا من تمتيعه بهذا الحق، لأننا لا نمارس الوصاية على أحد، والإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه” (الجريدة الأولى، الأعداد:498-506-523 ).
عبد الصمد الديالمي (..الجنساني): “يجب أن نعيش تحررا جنسيا، لا قيود على الجنس، لأنه أكبر القيم التي نعيش من أجل تحقيقها، وهو أساس العلاقات والتواصل، ووضع القيود عليه سيشكل إكراها لتحقيق الذات، والمجتمع المغربي يعيش ذلك في الخفاء، ويحتاج أن يعلنه للجميع..” (انظر مقالاته).
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (رئيستها خديجة الرياضي): “رفع كل التحفظات عن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها، وإقرار دستور ديمقراطي ينص على المساواة بين الجنسين في الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى فصل الدين عن الدولة، وينص على سموِّ المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الداخلية للبلاد” (الجريدة الأولى ع:450).
بيت الحكمة (رئيسته خديجة الرويسي) يطالب: “بإلغاء القوانين التي تعتبر أن الخمر لا يباع إلا للأجانب، أو التي يعاقب بموجبها مواطنون مغاربة على شرب الخمر أو اقتنائها، وتبني الموقف القانوني من الخمر في الدول الغربية غير المسلمة، لتمتيع السكارى باختيارهم الفردي..”.
وقالت الرويسي أيضا: “هناك قوانين مسطرة بالمغرب لكن أعتبر القانون المغربي جائرا لأنه يمس الحرية الفردية للشخص” ، فـ”هناك من هو مقتنع بالصيام وهناك من لا تطرح لديه هذه القناعة، لديَّ تخضعُ مثل هذه الأمور للقناعة الشخصية”.
عبد الحميد أمين (نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان): “نحن في الجمعية نتبنى كل ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمغرب كدولة له نفس الالتزامات، والمادة الثامنة عشر من هذا الإعلان ونظيرتها في العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية تطرح ما يلي: لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة أو أمام الملأ أو على حدة، وعليه فمن حق “مالي” أن تطالب باحترام المواثيق الدولية، ونحن في الجمعية نذهب أبعد من ذلك حيث نطالب بتعديل كافة القوانين ومن ضمنها القانون الأسمى الذي هو الدستور، لتصبح منسجمة مع حقوق الإنسان الكونية وهذا ما يسمى بالملائمة” (مغرب اليوم ع:34/ص:22).
فوزية العسولي (رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة): “يجب على القائمين على مدونة الأسرة أن يغيروا التشريع الذي يفرق بين الذكر والأنثى، ويميز بينهما في الإرث، وإبطال القاعدة الفرضية المعتمدة على قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}، لتطور المجتمع وكون المرأة صارت مشاركة في العمل والإنفاق داخل البيت الأسري”.
أحمد بنشمسي (رئيس تحرير مجلتي نيشان وتيل كيل): “ليس النموذج هو مجتمع بدون أخلاق، بل هو مجتمع يقبل جانبه اللاأخلاقي، ويتسامح معه، مجتمع لا يعاقب فيه من اختار سلوكا يخالف الجماعة قانونا وأخلاقا” (“نيشان” العدد:184).
حكيمة حميش (رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة داء فقدان المناعة المكتسبة): “العفة لا تملى إذا أراد الشباب أن يتعففوا فذلك اختيارهم، غير أن التزام العفة إلى حين الزواج ليس حلا واقعيا من وجهة نظري. كما ينبغي أن نشجع ثقافة استعمال العازل الطبي، وهذا حل منطقي في السجون بدل عزل المثليين عن الأسوياء” (المساء العدد:704).
مجموعة نداء الحريات الجديدة: “المطالبة بمنظومة أخلاق جديدة قائمة على الحرية الفردية التي لا تتقيد بقيد شرعي أو قانوني (إلا باعتبار الموانع الكونية)، وتمكين أي أحد من اختياره غير الأخلاقي أو اللا قانوني، من أجل الدفع بعجلة المغرب الحداثي..!!”.
سمير بركاشي (رئيس جمعية “كيف كيف” للواطيين): “نطالب بسن قوانين تحمي اللواطيين وتمكنهم من ممارسة سلوكياتهم بحرية، ودون ضغط القانون والأخلاق والمجتمع المغربي” (ج الصباح).
زينب الغزوي ومجموعتها على موقع الفايسبوك: “الدعوة بالسماح للمفطرين في رمضان أن يجاهروا بذلك أمام الملأ، واحترام اختيارهم بتعطيل القانون المانع لذلك”.
أمام كل هاته التصريحات الخطيرة التي تمس جوانب العقيدة والأخلاق والسلوك؛ وتهدد المرأة بالأساس؛ وتدعو صراحة إلى تعديل كافة القوانين ومن ضمنها الدستور، حتى تنسجم مع حقوق الإنسان “الكونية”؛ لم تتوان وزيرة الأسرة والتضامن الاجتماعي (نزهة الصقلي) أن تصرح في برنامج تيارات على القناة الثانية أن “لا أحد يهدد الشريعة الإسلامية في المغرب”؛ فإن لم تكن هاته التصريحات وما يواكبها من أعمال ومبادرات على أرض الواقع تهديدا لدين المغاربة وتبديلا للشريعة فلا يوجد على الأرض تهديد ولا تبديل.
فإذا كانت مواقف المدافعين عن المرأة تدعم بل تتبنى الملفات التي يعلم بالضرورة أن الإسلام وشريعته حَكَمَا بتحريمها، فكيف نأمل منهم أن يخلصوا في الدفاع عن المرأة؟ وكيف نأتمنهم على عرضها وهم لا يعترفون بمفهوم العفة والشرف؟ وكيف نأتمنهم على مالها وهم النفعيون الليبراليون؟ وكيف نأتمنهم على دينها وهم الماديون؟ وكيف نأتمنهم على خلقها وهم المتفسخون الشهوانيون؟
وبشكل عام فالهجوم العلماني على مجتمعنا يتمثل في تسييد النخب وتمويلها، واحتفائها بالجمعيات الحقوقية النسائية العلمانية.. وهو ما يتطلب يقظة ووعياً وأدوات جديدة للمقاومة.
فلم يعد اليوم شك أن المنظمات الدولية غير الحكومية أصبحت تمثل الذراع الأساس لفرض المرجعية العلمانية من خلال المطالبة الحثيثة بتطبيق كل السياسات الموضوعة في مؤتمرات المرأة والسكان، وآخرها مؤتمر بكين+15.
إن هذه المنظمات التي تضم نخباً نسوية علمانية منعزلة عن مجتمعاتها الإسلامية أصبحت تستمد قوة كبيرة بفضل الدعم المالي والمعنوي الذي تتلقاه من شبكاتها الخارجية، بل إنها أصبحت أكثر ارتباطاً بحراس العلمانية الغربيين من ارتباطها أو حتى صلتها بمجتمعاتها المحلية، وتحولت إلى مجرد فروع للحركة العالمية للمنظمات العلمانية غير الحكومية العاملة في مجالي المرأة والأسرة.
إن الوعي بأهداف هذه الجمعيات والمؤتمرات وما تدعو إليه، ومن يقف وراءها يجعلنا ندرك خطرها ويدفعنا إلى البحث عن اختيار طريقة ناجعة لمواجهتها والحد من مدّها وتوسعها، وذلك بكشف سوءاتها وعوارها لعموم الناس، وبيان مراميها، ومخالفتها لمقاصد الشريعة، بل مناقضتها لنصوص الشريعة نفسها، وأنها لا تعدو أن تكون أحد أذرعة العولمة المعاصرة؛ وذلك من خلال وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، والمرئية، وعن طريق الندوات والمحاضرات؛ وبيانات تصدر عن المراجع العلمية المعتمدة، والتوعية بمخاطرها من قبل الدعاة وطلاب العلم، والمثقفين، والإعلاميين، والقيادات النسائية، وتحميل الجميع المسؤولية في بث الوعي العام؛ للوصول إلى تحصين داخلي قوي، من شأنه أن يحمي ديننا من التحريف ووحدتنا الوطنية والترابية من الانتهاك.