افتتاح الصهاينة لأكبر معبد يهودي (كنيس الخراب أو كنيس هحوربا) الذي لا يبعد عن المسجد الأقصي سوى بـ50 مترا يعتبر في حسابات الصهاينة الدينية بداية فعلية لبناء ما يسمونه الهيكل الثالث المزعوم، ولذلك كثف الصهاينة تحركاتهم من أجل فرض تقسيم باطل للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، كما فرضوا هذا التقسيم على المسجد الإبراهيمي بالخليل!
وسيفتتح كنيس الخراب هذا الصهيونيان نتنياهو وبيريز في البلدة القديمة بالقدس بحارة الشرف العربية، وسيضاف إلى 60 كنيساً يهودياً أخرى تحيط بالمسجد الأقصى المبارك إحاطة السوار بالمعصم، وهذا الافتتاح الرسمي الذي سيشارك فيه قادة الصهاينة, سيكون إعلانا غير مباشر عن بدء مشروع بناء الهيكل الثالث المزعوم كما تتحدث عنه الكثير من الكتب اليهودية، ودليل ذلك الدعوات الصهيونية لاقتحام الأقصى في شهر مارس الجاري -شهر الأعياد اليهودية-، ونشر إعلانات لاقتحامه أو تدنيس حرمته من قبل الجماعات اليهودية، وتخصيص يوم 16 مارس الجاري يوما عالمياً من أجل الهيكل المزعوم.
فالاحتلال الصهيوني مصمم أن يكون العام 2010م هو عام مصيري بالنسبة للقدس والمسجد الأقصى المحتلّين ويسعي لانتهاز فرصة انقسام وتشتت العرب والمسلمين وضياع هيبتهم في فرض أمر واقع جديد على الأقصى عبر تقسيمه ثم السيطرة الكاملة عليه، وقد أعرب أكثر من مسؤول صهيوني أن عام 2010 هو عام الحسم في القدس ووضع النقاط على الحروف في المسجد الاقصى، وإعلان ضم الحرم الإبراهيمي كان تمهيدا وجس نبض من قبل الصهاينة للخطوة التالية التي يخططون لها، وهي تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي المزعوم فوقه .
كما أن قرارات بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس (آخرها الإعلان عن بناء 50.000 وحدة جديدة وقبلها بقليل عن 166.000 وحدة) وهدم منازل العرب بدعوى التطوير وبناء حدائق توراتية مكانها، ما هي سوى حلقات متتابعة في مخطط صهيوني لإعادة تغيير ملامح القدس وتهويدها وإلغاء عروبتها تماما .
فالصهاينة ينشطون فوق الأرض وتحت الأرض لتهويد مقدساتنا الإسلامية، يشيدون المستوطنات ويستخدمون في عمليات الحفر أسفل المسجد الأقصي حوامض كيماوية خطيرة جدا توضع على الصخور لتفتيتها، تشكل خطرا محدقا على أساسات الأقصى لأنها تنتقل إلى هذه الأساسات عبر مياه الأمطار والرطوبة ما يؤدي لتصدع أعمدة الأقصى، وقد ظهرت بالفعل تصدعات في المسجد، وسقط طريق باب المغاربة بسبب أعمال الحفر أسفله (الأقصي في خطر.. خارطة طريق للإنقاذ).
إذا كان هذا هو واقع المسجد الأقصى، وإذا كانت محاولات الهدم والتهويد ماضية على قدم وساق، فما هو دورنا في إنقاذ المسجد الأقصى والدفاع عنه؟
لا شك أن الفلسطينين الشرفاء لا العملاء قاموا بدور بارز في الذود عن الأقصى المبارك، وحموه بالغالي والنفيس، وفدوه بدمائهم الزكية، ووقفوا إلى اليوم رغم ضعف العدة والعتاد؛ وانقسام الصف الفلسطني المقصود؛ في وجه الصهاينة وآلتهم الحربية الطاغية، ومشروع تهويد القدس، حتى أن المؤرخ الصهيوني موشيه أميراف وصف محاولة تغيير معالم القدس بالخاسرة.
واعتبر “أن المستوطنين يخوضون في القدس معركة خاسرة لن تغير من واقع التقسيم الموجود بالمدينة”.
أما غير الفلسطينيين فلا شك أنه تتعين في حقهم مسؤوليات كبرى اتجاه مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسؤوليات على مستوى الفرد والجماعة.
فما يستطيع فعله المسلمون كثير ومتعدد، فهناك وسائل متنوعة يمكن أن تدفع على كل فرد منا جرم السكوت على الانتهاكات الصهيونية المتواصلة لحرمة المسجد الأقصى المبارك. ولكن المهم هو النية الصادقة، وأن يحسن كل منا ما يملكه من هذه الوسائل، فقيمة كل امرئ ما يحسنه وما يطلبه.
فقد بات من الواجب اليوم على كافة الدول الإسلامية الالتحام والتآزر والتعاون؛ والتعبير والتأييد لكل مشاريع الحفاظ على المسجد الأقصى، وأن يكون للعلماء والقادة والقوى والفعاليات المختلفة دور في إطلاق حملة سياسية وإعلامية وشعبية للدفاع عن حرمات المسلمين وعن المسجد الأقصى المبارك.
كما يتعين على كل فرد مسلم أن يعلم:
– أن التغيير يبدأ من الداخل؛ قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، فتربية النفس التربية الصحيحة على عقيدة الإسلام هي الأساس.
– عدم نسيان قضية المسجد الأقصى المبارك، وتكرارها في المجالس، وعند الزملاء باعتبارها القضية الأولى.
– الدعاء وإعطاؤه قدره في أوقات الفراغ، وقد يجلب الدعاء ما لا تجلبه ملاقاة الأعداء.
– الصدقة والدعم المالي، ومد يد العون لأيتام شهداء الفلسطينيين وأهاليهم.
– اليقين بالنصر المؤزر المؤكد، والتذكير بأن العاقبة للمؤمنين والتأكيد على ضعف الكفار والمشركين، وغرس سنة الله المداولة بين الناس، وأن أي دولة مهما كانت قوية ولكنها ظالمة فمآلها إلى السقوط.
– الإعلام بشتى أنواعه وبكل وسيلة ممكنة من الوسائل التي تفيد في طرح القضية والتذكير بها، خاصة وقد رأينا كيف لعب سلاح الإعلام دورا رئيسًا في عدوان غزة الأخير.
– دور الآباء مع أبنائهم في بيان حقيقة الصهاينة ومكرهم وخداعهم واحتلالهم، وزرع عقيدة الولاء والبراء في نفوسهم.
– دور المعلم في المدرسة وخصوصاً مدرس التاريخ والمواد الشرعية والعربية في التذكير والتعريف بقضية القدس والمسجد الأقصى.
– دور إمام المسجد في الحي التابع له عن طريق الدعاء والنصيحة في تعريف المسلمين بأهمية المسجد الأقصى ومكانته في الإسلام.
– دور المرأة المسلمة بحمل الهم للمسلمات والزوج والولد وتربيتهم على الغيرة على المقدسات، والذود عنها، ورفع الانتهاكات التي تتعرض لها.
يجب أن نعلم أن مقدساتنا يستحيل أن يحميها أو يدافع عنها الغرب المناصر لتتار العصر=الصهاينة؛ ولذلك فعار ثم عار ثم عار أن تطالب الدول العربية من أمريكا وأوروبا التدخل لنجدة مقدساتنا، ولا نتحرك نحن ونستخدم ما في يدنا من سلاح .