كشف الشيخ محمد المكي الناصري رحمه الله تعالى في كتابه (أحباس إسلامية) بلغة الأرقام عن خطة الاحتلال الفرنسي الرامية إلى الدعم المطلق للحركات التنصيرية في المغرب؛ وتمويلها لبناء الكنائس والبيع من ميزانية الدولة المغربية، ومحاصرتها وتقويضها للشريعة الإسلامية ومنعها بناء المساجد والنفقة على الشؤون الدينية من الميزانية المغربية!
قال الشيخ رحمه الله: جرت عادة الحماية -الاحتلال- بأن لا ينفق من الميزانية العامة على الديانة الإسلامية التي هي دين المغاربة، ولا على محاكمهم الشرعية الوطنية سنتيم واحد، بينما تنفق هذه الميزانية على المحاكم الموسوية العبرية، والمحاكم الفرنسية الأجنبية، بغاية السخاء ومنتهى الكرم…
وزادت فوق ذلك مخصصات سنوية تصرفها على الديانة الكاثولكية من ميزانية “المخصصات السرية للتوغل الفرنسي” تبلغ من الفرنكات أربعة ملايين، ثم مخصصات أخرى علنية، تدفعها باسم “مساعدة الديانات في المغرب”، بعضها للوكالة التبشيرية القائمة بالتبشير الكاثوليكي بين المسلمين المغاربة «Vicariat apostolique» وبعضها لبناء الكنائس الكاثوليكية، وبعضها لبناء المعابد البروتستانية.
وهذا نموذج لمخصصات الديانة المسيحية العلنية في الميزانية العامة أثناء خمس سنوات، عند إعداد الظهير البربري وبعد صدوره.
ففي ميزانية سنة 1929 :
أ) لمساعدة الوكالة التبشيرية……………………………..160.000
ب) لبناء كنائس كاثوليكية ………………………………..175.000
ت) لبناء معابد بروتستانية ……………………………….40.000
وفي ميزانية سنة 1930 :
أ) لمساعدة الوكالة التبشيرية……………………………..185.000
ب) لبناء كنائس كاثوليكية ………………………………..175.000
ت) لبناء معابد بروتستانية ……………………………….40.000
وفي ميزانية سنة 1931 :
أ) لمساعدة الوكالة التبشيرية……………………………..185.000
ب) لبناء كنائس كاثوليكية ………………………………..175.000
ت) لبناء معابد بروتستانية ……………………………….50.000
وفي ميزانية سنة 1932 :
أ) لمساعدة الوكالة التبشيرية……………………………..246.670
ب) لبناء كنائس كاثوليكية ………………………………..233.330
ت) لبناء معابد بروتستانية ……………………………….66.670
وفي ميزانية سنة 1933 :
أ) لمساعدة الوكالة التبشيرية……………………………..166.500
ب) لبناء كنائس كاثوليكية ………………………………..157.500
ت) لبناء معابد بروتستانية ……………………………….45.000
على أن الديانة المسيحية، المخصصة لها كل هذه المقادير السرية والعلنية، لا يتجاوز الأجانب المنتمون إليها في المغرب مائتي ألف نسمة (200.000)، ومجموع المغاربة المسلمين يتجاوز ستة ملايين (6.000.000) على أقل تقدير، بينما لا يصرف من ميزانيتهم على ديانتهم قليل ولا كثير!
وفوق هذا التحيز والتعصب البارز ضد الإسلام؛ في بلد أهله مسلمون، ورئيسه الشرعي الأعلى من سلالة الرسول، فالمراقبة الفرنسية على الأحباس لم تزل تضايق الديانة الإسلامية وجماعة المسلمين في أوقافها الخصوصية، وتحول دون انتفاعها منها انتفاعا كاملا طبقا للمصلحة الإسلامية الحقيقية، وأرادت في هذه السنة الأخيرة، بعد قيام الحركة الحبسية الخطيرة، أن تذر الرماد في العيون، وتحول الحركة إلى سكون، فأخذت تقوم ببعض الإصلاحات الصغيرة في بعض مساجد المدن، ووافقت على بناء بعض المساجد فيها، ولبست رداء جديدا من “النفاق الاستعماري” المعروف، حتى تهدأ الحركة، وتخفت الأصوات، ولكن “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين”..!
وقال الشيخ المكي رحمه الله تعالى في المرجع نفسه:
ويجب أن نسجل في هذا المقام، أن جمهرة المسلمين المغاربة، قد بلغ بها الفقر والبؤس درجة لم يسبق لها نظير في عهد من عهودها، ولم يبق في استطاعتها أن تنفق على أمر من أمور دينها، لأن النظام القائم قد أثقل كواهلها بضرائب فادحة، أصبحت تحول بينها وبين القيام حتى بضرورياتها المادية الأساسية!
فالإسلام اليوم؛ دين الأكثرية في المملكة المغربية، لا ينفق عليه الأفراد، ولا تنفق عليه الميزانية العامة قليلا ولا كثيرا، وإن كانت تخصص مبالغ باهضة سنوية، لبناء الكنائس وللإدارة التبشيرية، والأعمال اليسوعية، وهذا ما جعل المسلمين المغاربة يقومون عن بكرة أبيهم، ويلجؤون إلى الأحباس الإسلامية، التي أوقفها أجدادهم للاستفادة منها والانتفاع بها في مثل هذا الوقت العصيب..! اهـ.
للتذكير فقط فإن فرنسا بلد الحرية والأخوة والمساواة عزمت على احتلال كثير من أراضي المسلمين ومن ضمنها المغرب بعد الثورة الفرنسي سنة 1789م، ليتبين لكل عاقل حقيقة الشعارات التي ترفع اليوم ويتبناها بعض بني جلدنا بل ويفضلونها على شريعة أحكم الحاكمين.