صرخة من أجل زهرة الشام ذ الحسن العسال

ما الذي يجري في زهرة الشام؟!
هل تبلد الإحساس وتكلست الجوارح وتحجرت القلوب، أيحتاج الكفر البواح إلى دليل، كما تحتاج الشمس إليه في واضحة النهار؟!
هل الأعين عميت عن رؤية الشباب والشيوخ يجبرون على السجود لصورة طاغوت الشام، وبقول:”لا إله إلا بشار”، و”لا إله إلا ماهر”؟!
ألا نخشى على أنفسنا جميعا؛ وخصوصا من يملكون القرار؛ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة” صحيح الترمذي.
وهل تدنيس المساجد بالتدخين فيها والاستهزاء بالصلاة ليسا انتهاكا لحرمتها فقط، بل انتهاكا لحرمة الإسلام؟
ألن يحاسبنا الله على صمتنا المريع، وجبننا الفظيع، حكاما وعلماء وشعوبا؟
حتى الحمير لم تنج من شبيحة طاغوت الشام، قتلوها بالرصاص، وأردوها من فوق جرف عال!
إذا لم تحرك فينا هذه الدماء المتدفقة على أنهار ذلنا ساكنا فالموتى يبعثهم الله..
فلو أن أمريكيا أو يهوديا قتل في إحدى البلدان الإسلامية لتعالت التنديدات، وعقدت المؤتمرات على عجل، ولأجمع مجلس الأمن على قرار العقوبة تحت البند السابع، ولدقت طبول الحرب، ولخرجت الفتاوى، وتليت الأحاديث في حرمة الدم الإنساني، كما كان يقع قبل الثورات العربية، حينما واظب وزراء الداخلية العرب على الحضور في ضيافة طاغية تونس، والهرولة صوب شرم الشيخ بترحيب من فرعون مصر، تحت ذريعة مكافحة ما يسمى “الإرهاب”، لأن المقصود في الحقيقة هو محاربة الإسلام، بمحاولة تجفيف منابعه، وذلك بتغيير مناهج التعليم في البلدان العربية، وحظر الجمعيات الخيرية، والتضييق على فريضة الزكاة، بل تم حظر حتى الدعاء على المشركين والكفار، بدعوى إثارة الكراهية…هم يقتلوننا، ونحن لا يحق لنا ولو مجرد الدعاء الذي لا يؤمنون به هم أصلا.
وعلى الرغم من كل الوحشية والهمجية التي فضحتها الشاشات، لم يجرؤ أحد على نعت بشار وزبانيته وشبيحته بالإرهابيين، لأن في هذا العصر هناك أشخاص لهم الحصانة الكاملة ولا تطالهم يد العدالة، لأنهم -وبكل بساطة- من طينة غير الطينة التي خلق منها بنو آدم.
إنه من المعلوم بالضرورة بالنسبة للقضايا العربية والإسلامية، أن الغرب لا يعمل إلا على تبادل الأدوار بشأنها، بين شرقه وغربه، لأن مجلس القمع الدولي غير خاضع (للمواصفات) الديمقراطية، التي (يريدون) فرضها على العالم الإسلامي، ومع ذلك لم نسمع أحدا بعد معارضة الصين وروسيا للقرار القمعي فيما يخص الأزمة السورية مرتين في غضون أيام قليلة يرفع صوته للتساوي بين الدول في التصويت على القضايا العالمية لإحقاق الديمقراطية الدولية، مادام حق النقض هو قمة الاستبداد العالمي والاستعلاء الغربي، ومادام المسيطرون على القرار العالمي لا يتجاوزون خمس دول، ومع ذلك يقيمون الحروب لنشر الديمقراطية، ويمولون الجواسيس “لتربية” الشعوب عليها!!!
إن الغرب برمته يأمل أن يشعل فتنة أبدية في زهرة الشام كي ينشغل قاطنوها بها، وتنعم اللقيطة الصهيونية بالأمن والأمان، والرخاء والاطمئنان، بل وتبتهل الفرصة لتهويد القدس، وفرض أمر واقع فيها، والدليل أنه ولأول مرة تجرأ أحفاد القردة والخنازير على أن يعتلوا سطح المسجد الأقصى، علما أنهم لم يفعلوا ذلك حتى عندما دنسه السفاح (الحي/الميت) شارون.
فالغرب لا يهمه إلا مصالحه، بدليل أن المحكمة الجنائية الدولية لها عيون لا ترى بها ما رأى ويرى العالم أجمع من جرائم اقترفها طغاة اليمن وليبيا وسوريا،لأن أوكامبو أصابه العمى من رؤية شلال الدم المتدفق في سوريا، ورأى هو ومحكمته الجنائية ما لم يره العالم فيما سموه بجرائم الإبادة في دارفور، فتم إصدار مذكرة اعتقال في حق وزير الدفاع السوداني.
والدول العربية بعد كل هذا يصدق فيها قول الشاعر أحمد مطر في لافتته: “عباس يستخدم تكتيكا جديدا”، حينما قال: “انظر..لقد غافلته..واجتزت خط الدائرة”.
لأنه لا يعقل بعد كل هذه الفظاعات في عصر الحقوق الكونية أن يُمَكّنَ لطاغوت الشام بالإفلات من العقاب(2)، كما مُكِّن لطاغيتي تونس واليمن، “بفضل” مبادرة مأساوية لا يبدو أن الهدف منها إلا محاولة حفظ ماء الوجه و”إبراء الذمة” بأي وجه كان، ورفع المسؤولية الأخلاقية عن الأنظمة العربية، لتقاعسها عن نصرة الشعب السوري، أمام الآلة النصيرية الجبارة، المدعومة من دولة وحزب الروافض،إضافة إلى روسيا والصين.
وخلال تخبط النظام العربي أشيع أن فاروق الشرع وضع تحت الإقامة الجبرية لما (نشب خلاف) بينه وبين الطاغوت وحاشيته، ليجعلوا منه بطلا يتسلم السلطة من سيده، وينقذه من حبل المشنقة، كما ينقذ النظام النصيري من السقوط، لأنه من المستحيل أن يكون نائب طاغوت الشام معارضا دون أن تتم تصفيته وتلصق الجريمة بالمسلحين.
فهذه الحيلة لا تنطلي على أحد، لأن النظام النصيري في زهرة الشام استفاد من الثورات السابقة، لذلك خطط لكل الاحتمالات فطال عمره. وكان من بين مخططاته إخفاء فاروق الشرع عن المشهد الدامي ليكون حصان طروادة الذي سيعيد النظام من النافذة بعدما سيخرجه الثوار إن شاء الله من الباب.
وهكذا تتكرر مسرحية علي اليمن الذي قتل ما قتل، ثم أعطيته الحصانة العربية الأمريكية، ليفلت من العقاب الدنيوي، لكن.. ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾ إبراهيم:42.
وبعد هذا؛ ماذا تنتظر الأنظمة العربية لطرد سفراء الطاغوت وسحب سفرائها الشاهدين على أنهار الدماء دون تحريك ساكن، مم يخافون؟
هل يخافون على عرض من الدنيا قليل؟
ألا يؤمنون بكلام ربهم الذي أنزل سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ خاف أهل مكة أن تنقطع عنهم الميرة والتجارة، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.التوبة.
“فأهل مكة كانت معايشهم من التجارات، وكان المشركون يأتون مكة بالطعام ويتجرون، فلما مُنِعوا من دخول الحرم خافوا الفقر وضيق العيش. وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنـزل الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) فقرًا وفاقة.. (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) قال عكرمة: فأغناهم الله عز وجل بأن أنـزل عليهم المطر مدرارا فكثر خيرهم. وقال مقاتل: أسلم أهل جدة وصنعاء وجريش من اليمن وجلبوا الميرة الكثيرة إلى مكة فكفاهم الله ما كانوا يخافون. وقال الضحاك وقتادة: عوضهم الله منها الجزية فأغناهم بها”.
فإن خاف الحكام العرب على أنفسهم وأموالهم ومصالحهم وجيوشهم، فليخلوا بين العلماء والشعوب والقضية، لأن العلماء بإذن الله قادرون على تعبئة الشارع العربي، لجمع الأموال دعما للجيش الحر، لأنه لا يجوز ولا يعقل أن يتفرج العالم بما فيه المسلمون على شعب يباد، وعليهم ألا يسمعوا لكوفي عنان حينما يدعي أن المزيد من عسكرة الأزمة السورية يزيد الأمر سوء، لأن الذين ينكل بهم ويسامون سوء العذاب وتغتصب نساؤهم ويقتلون شر تقتيل ليسوا من أولاده أو بني جلدته.
مبادرات تلو المبادرات.. وشلالات الدم تزداد عنفوانا.. والجامعة العربية التي عودتنا على الخسران المبين في كل قضية لم تخيب ظننا هذه المرة أيضا، وكانت مخلصة لخيبتها الأبدية، فتفتقت عبقريتها عن مبادرة إرسال المراقبين، كأن العلة في التشخيص! ولأنها لا تملك أمرها بيدها فقد خضعت مؤخرا لرغبات الدب الروسي السادية، وقبلت بحوار الجزار والضحية، ولو أن الضحية لازال دمها لم يتجلط بعد.. لكن أهل الشام لن يضرهم من خذلهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- وإن كان فرعون مصر يحاكم فهذا استثناء من القاعدة، إن حوكم بالعدل ودون تدخل في القضاء كما تم التدخل وسمح بالسفر لأفراد المنظمات الأمريكية !!!
2- والمأساوي في المسألة هو أن أحد دعاة إفلات طاغوت الشام من المعاقبة، هو رئيس حكومة الثورة التونسية!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *