يعد خطاب الضمان من الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف لعملائها من أجل تسهيل أعمالهم مع الحكومات والشركات، وهو يتيح للمستفيد تقوية مركزه الانتمائي تجاه من يتعاملون معه، حتى يتسنى له إبرام عقوده معهم في جو من الثقة والطمأنينة، وقد نظر علماؤنا المعاصرون في هذا النوع من العقود وحكموا عليه بحسب ما تقتضيه أدلة الشرع وقواعده وسيأتي بيان ذلك:
– تعريف خطاب الضمان (Lettre de garantie)
الخطاب في اللغة: من خطب يخطب خطابا ومخاطبة وهو الكلام بين متكلم وسامع، كما يطلق على الرسالة المكتوبة .
الضمان في اللغة: الكفالة تقول: ضمَّنه الشيء ضمانا فهو ضامن وضمين إذا كفله .
خطاب الضمان
تعهدٌ كتابي يتعهد بمقتضاه المصرف بكفالة أحد عملائه في حدود مبلغ معين، تجاه طرف ثالث، بمناسبة التزام ملقى على عاتق العميل المكفول، وذلك ضمانا لوفاء هذا العميل بالتزامه تجاه ذلك الطرف خلال مدة معينة على أن يدفع المصرف المبلغ المضمون عند أول مطالبة خلال سريان الضمان .
حكم خطاب الضمان
خطابات الضمان من المعاملات المصرفية التي عرضت عدة مرات على مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمؤتمرات الفقهية، وندوات الاقتصاد الإسلامي وصدر فيها عدة قرارات توضح الجوانب الجائزة وتحذر من الوقوع في الربا، ومنعت أجر الضمان، وأجازت للمصارف استرداد المصاريف الإدارية .
وفي الربا ما يأخذه البنك من فوائد لقاء عملية الإقراض عندما يكون طالب خطاب الضمان ممن ليس له غطاء نقدي، أو له غطاء ناقص .
وقد بحث مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي موضوع خطاب الضمان ثم أصدر قراره وذلك نصه:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه.
قرار رقم: 12 (12/2)
بشأن خطاب الضمان
إن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ/22-28 كانون الأول (دجنبر) 1985م.
وبعد النظر فيما أعد في خطاب الضمان من بحوث ودراسات، وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة التي تبين منها:
أولا: أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلوا إما أن يكون بغطاء أو دونه، فإن كان دون غطاء، فهو: ضمُّ ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالا أو مآلا، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي بمعنى الضمان أو الكفالة.
وإن كان خطاب الضمان بغطاء، فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره، هي: الوكالة، والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له).
ثانيا: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان. وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعا على المقرض، وذلك ممنوع شرعا.
قرر مايلي:
أولا: إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته سواء كان بغطاء أم دونه.
ثانيا: إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه جائزة شرعا، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
والله أعلم.