الحرب على الإرهاب على الطريقة “الأوبامية” أحمد عباس

كشفت مصادر صحافية أمريكية أن الولايات المتحدة وسعت نطاق عملياتها العسكرية والاستخبارية التي تستهدف تنظيم “القاعدة” وحلفاءه في العديد من دول قارتي آسيا وأفريقيا، وذلك باستخدام الطائرات من دون طيار والقوات الخاصة وتمويل متعاقدين للتجسس وتدريب العملاء المحليين لملاحقة عناصر التنظيم.

التعليق:
لازالت أصداء الأصوات التي استبشرت بمقدم الرئيس باراك أوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض تسمع حتى الآن، بل ولازالت العديد من الأقلام تروج لفكرة أن أوضاع العالم الإسلامي باتت أحسن حالاً في ظل أكذوبة إنهاء الإدارة الأمريكية الجديدة للحرب التي بدأتها الإدارة السابقة ضد ما أسمته الإرهاب.
لكن لم يعد هناك من شك في أن هذه الأصوات وتلك الأقلام التي تحاول تجميل وجه إدارة أوباما وتطبل مع كل تصريح رنان يحاول به الرئيس الأمريكي دغدغة مشاعر المسلمين عن احترامه لعقيدتهم وحرصه على عدم الدخول في صراع معهم، هي أصوات وأقلام معزولة عن الواقع أو لا تريد أن ترى الواقع كما هو.
الحرب على الإرهاب مستمرة وتتسع
الواقع يشهد بأن تقارير الأمم المتحدة تتوالى بشكل غير مسبوق عن تزايد أعداد الضحايا المدنيين الذين يسقطون بشكل شبه يومي جراء عمليات القصف التي تنفذها قوات الاحتلال الأجنبية بقيادة واشنطن.
والرئيس الأفغاني المدعوم من الغرب حامد كرزاي أنهى بالفعل تزايد نشاط الشركات الأمنية الخاصة التي بدأت الإدارة الأمريكية الحالية تعتمد عليها بصورة واسعة النطاق في استكمال سيناريو “الحرب على الإرهاب”، وبطبيعة الحال لم يقدم كرزاي على هذا الأمر إلا لمحاولة الحفاظ على ماء وجه وكسب ود الشعب الأفغاني الذي يدفع الضريبة من دمائه وأمنه جراء ممارسات هذه الشركات الخاصة.
الحرب الأمريكية على الإرهاب التي ادعى أوباما أنه أوقفها بل وألغى مصطلحها، لم تعد مجرد حرب لها ساحات محددة يمكن أن تشهدها وتقتصر عليها، بل أصبحت -وهذا ليس مبالغة- أحد الأسس والركائز التي تقوم عليها العلاقات الدولية بوجه عام؛ حيث استغل أوباما كلماته المعسولة التي لا يمل من ترديدها عن ضرورة التخلي عن فكرة الحروب الاستباقية والميل إلى الحلول الدبلوماسية بينما آلته العسكرية الكاسحة لازالت تطحن عظام المسلمين في العديد من بقع العالم إما بشكل مباشر كما يحدث في باكستان التي تزداد فيها وتيرة الاعتداءات الصاروخية التي تنفذها طائرات أمريكية تعمل بدون طيار في المناطق العشائرية، أو بشكل غير مباشر كما يجري في الصومال والعديد من مناطق أفريقيا وجنوب شرق آسيا؛ فضلاً عن الإرهاب الوحشي الذي تمارسه قوات الاحتلال الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل بغطاء ودعم أمريكي.
تحوير شكل الحرب على الإرهاب
الحرب على الإرهاب في عهد الرئيس السابق “بوش” كانت من أبرز سماتها السجون السرية للمخابرات الأمريكية وسجن جوانتانامو العسكري في كوبا، ورغم إعلان أوباما عزمه على إغلاق جوانتانامو وعدم إقراره للسجون السرية، إلا أن هذا لم يكن في حقيقة الأمر إنهاء فعليًا لحرب الإرهاب وإنما كان تحويرًا لشكلها وتوسيعًا لنطاقها في مجالات أخرى، فإدارة أوباما من الناحية العملية لازالت تتبنى الخيار العسكري في التعامل مع التنظيمات الإسلامية والجماعات التي تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وإن لم تركز على الأساليب الأمنية في التعامل مع هذه العناصر إلا أنها لا تتردد في توجيه نيران آلتها العسكرية لسحقها.
إبقاء الضغط على اليمن
وعلى الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة لم تقر علنًا بأي من الخطوات العسكرية التي اتخذتها، خلافًا لزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان التي جاءت بعد أشهر من الجدل المحتدم.
أما الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن التي كانت تستهدف مجموعة يشتبه بأنها تابعة للقاعدة -وسقط في إحدى هجماتها في 25 ماي نائب محافظ مأرب المقرب من الرئيس علي عبد الله صالح- فقد بدأت منذ دجنبر دون تأكيدها رسميًا.
واعترف مسئولون في إدارة أوباما بأهمية إبقاء القتال ضد القاعدة والمسلحين الآخرين في الخفاء، ولاسيما أن حربي العراق وأفغانستان أيقظتا السياسيين الأمريكيين والناخبين على تكاليف باهظة لحروب كبيرة أطاحت بحكومات يتطلب فيها الأمر سنوات من الاحتلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *