بعد الفضائح العقارية التي كان بطلها أحمد توفيق وزير الشؤون والأوقاف الإسلامية حين فوت بعض أراضي الأحباس بتارودانت بأثمنة رمزية، أعلنت من جديد بعض وسائل الإعلام الوطنية عن عدد من التجاوزات التي كانت موضوع مجموعة من العقود العقارية التي فوتت بمقتضاها الدولة عددا من الهكتارات للمجموعة العقارية “الضحى” بأثمنة بخسة، وبهذا تكون الجهات التي أبرمت العقد قد فوتت على خزينة الدولة ملايير الدراهم، وشملتال تفويتات عقارات مهمة من بينها: 53 هكتارا أرض حديقة الحيوانات بمدينة الرباط التي بيعت لمجموعة الضحى دون الإعلان عن طلب عروض مفتوح بثمن 800 درهم للمتر المربع في حين أن رجل الأعمال ميلود الشعبي قال: “إنه مستعد لشراء تلك الأرض بـ 20 ألف درهم للمتر المربع وهو ما فوت على خزينة الدولة 1000 مليار سنتيم ويعتبر هدرا للمال العام”.
ومرة أخرى في مدينة أكادير ودون الإعلان عن طلب عروض تفوت الشركة الوطنية للتجهيز والبناء (العمران حاليا) 45,5 هكتارا لمجموعة الضحى (مشروع “مايل سنترال”) وبثمن رمزي 940 درهما للمتر المربع وهي الأرض التي اشترتها من مديرية الأملاك المخزنية بـ 5 دراهم للمتر المربع، مع أن القيمة الحقيقية لهذه الأرض يفوق 10 آلاف درهم، فتكون الدولة قد أهدرت أزيد من 250 مليار سنتيم.
وأما مدينة مراكش فحسب جريدة المساء فقد فوت وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق أرضا تابعة للأحباس بمراكش لمجموعة الضحى ستقيم فوقها مشروع “باراديزغولف” مساحتها 283 هكتارا بثمن لا يزيد عن 120 درهما للمتر المربع (مع أن القيمة الحقيقية لهذه الأرض لا تقل عن 400 درهم). وفوت وزير المالية السابق ولعلو أرضا تابعة لإدارة الإملاك المخزنية بمراكش للضحى دائما مساحتها 130 هكتارا بثمن لا يزيد عن 560 درهما للمتر المربع (السعر الحقيقي لهذه الأرض لا يقل عن 4000 إلى 5000 درهم)، وباع صندوق الإيداع والتدبير للشركة نفسها 309 هكتارا بمراكش (138 هكتارا بثمن 117 درهما (مشروع زهور)، 156 هكتارا بـ 117 درهما (مشروع أبواب مراكش)، و15 هكتارا بـ 50 درهما للمتر المربع (مشروع برج الزيتون)، وفي المشاريع الثلاثة التي فوتها صندوق الإيداع والتدبير وحسب الثمن الحقيقي تكون الدولة قد ضيّعتعلى خزينتها 120 مليار سنتيم. أما التفويتات الثلاثة لمجموعة الضحى في مدينة مراكش فقد أهدرت خزينة الدولة ما يفوق 500 مليار سنتيم.
وأما مديرية الأملاك المخزنية في سلا فقد فوتت البقعة الأرضية لسوق الصالحين بسلا تابريكت إلى االشركة المسيرة لأسواق “مرجان” بثمن 750 درهما للمتر المربع مع أن الثمن الحقيقي يقدر بأزيد من 10 آلاف درهم، فيكون الفارق هو 175 مليون درهم، وذلك لتباع فيها الخمور لقطّاع الطرق بالأحياء المهمشة فيرتفع عدد الجرائم بالمنطقة، مما يستوجب من خزينة الدولة مزيدا من نفقات تنضاف إلى المال المهدور.
أفلا يدل كل ما ذكرنا من تفويتات بأثمان بخسة على تبذير للأموال العامة التي يجب أن يستفيد منها مغرب الأزمات المادية الخانقة، وأن الكثير من أصحاب القرار في بلادنا لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية أما مصالح الشعب المغربي فهي في مهب ريح عمالقة الأغنياء والساسة.
ثم إذا كانت الدولة تتمتع بهذا السخاء المسرف، وتملك كل هذه الأراضي، فلماذا تعاني الكثير من التجمعات السكنية من انعدام المساجد، أم أن المنعشين العقاريين أولى من إقامة الصلاة!
ولمَ لا تخصص بعض تلك العقارات لإنشاء المكتبات العامة؟ أم أن المسؤولين ما زالوا يتعاملون مع الثقافة على أنه قطاع غير منتج؟ لذا يقومون بتوفير ثقافة “البولفار”بدل ثقافة الأسفار أي الكتب.