هناك عدد كبير من مؤسسات التمويل الدولية التي تمول مشروعات وفعاليات بحثية في العالم العربي، ومن أهم هذه المؤسسات:
1- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (United Nations Development Programme) واختصاراً (UNDP) وهي شبكة تطوير عالمية تابعة للأمم المتحدة، تعمل في 166 دولة، وتقدم دعماً مالياً للمنظمات المدنية، والمراكز البحثية في العالم العربي، وهذا البرنامج له نشاط ملحوظ في دعم المشروعات التي تخدم الأجندة الغربية مثل قضايا المرأة، ومراجعة المناهج التعليمية والدينية، لكنَّ ما لفت نظرنا عند تحليلنا لمشروعات هذا البرنامج – خاصةً البحثية والفكرية – هو تركيزها على دراسات استكشافية للقوات المسلحة، وأجهزة المخابرات في العالم العربي. وهذا يكشف خطورة الدور الذي تلعبه برامج الأمم المتحدة في المنطقة العربية والإسلامية تحت ستار الأعمال البيضاء.
2- مؤسسة فورد الأمريكية
تعد مؤسسة فورد الأمريكية من أنشط المؤسسات التمويلية الدولية التي تدعم الباحثين والمراكز البحثية والفكرية في العالم العربي. والمحلل للمشروعات البحثية التي تدعمها مؤسسة فورد الأمريكية في المنطقة العربية يلمس بقوة تلك الطبيعة الاستخباراتية للأبحاث، ويلمس أيضاً دورها الإستراتيجي في الحرب الغربية الجديدة على الإسلام، تلك التي يخوضها الأمريكان تضليلاً تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
وفي 14 أبريل 2007م نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على موقعها الإلكتروني وثيقة تاريخية استعرضت من خلالها كتاب (الحرب الباردة الثقافية: المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب) الصادر في نيويورك عام 2000م، ذلك الكتاب الذي وثَّق العلاقة بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد وبعض المؤسسات الأخرى، ووضح بالشواهد العملية والمقابلات الشخصية مع ضباط المخابرات كيف تتخذ المخابرات الأمريكية مؤسسات التمويل كغطاء لأنشطتها السرية، وقد أشادت وثيقة المخابرات بهذا الكتاب التوثيقي الهام. (Thomas M. Troy, Jr, served in CIA>s Directorate of Intelligence; CIA, Apr 14, 2007).
وفي دراسة بعنوان (مؤسسة فورد ووكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية) للأكاديمي الأمريكي (James Petras) أستاذ الاجتماع بجامعة Binghampton بنيويورك، جاء في هذه الدراسة الهامة: (وكالة الاستخبارات المركزية تستخدم المؤسسات الخيرية باعتبارها قناة فعالة أكثر لتوجيه مبالغ كبيرة من المال لمشروعات الوكالة دون تنبيه المتلقين إلى مصدرها، وقد سمحت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتلك المؤسسات أن تقوم بتمويل مجموعات من الشباب، والنقابات العمالية والجامعات ودور النشر وغيرها من المؤسسات الخاصة؛ بما يخدم برامج العمل السري لوكالة المخابرات، وتُعَدُّ مؤسسة فورد واحدة من أهم وأكثر المؤسسات التي لعبت دوراً كبيراً في التعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية). (James Petras: The Ford Foundation and the CIA; A documented case of philanthropic collaboration with the Secret Police, 15 December 2001).
ويضيف (James Petras): (ومن خلال التعاون الوثيق المستمر بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد، يجري تأمين العديد من فرص العمل لعملاء المخابرات المركزية داخل مؤسسة فورد؛ فمن القواعد الهيكلية الأصلية أن هناك علاقة وثيقة وتبادلاً للموظفين على أعلى المستويات بين وكالة المخابرات المركزية ومؤسسة فورد، وكان من ثمرة هذا التعاون الهيكلي هو نجاح عملاء المخابرات في الوصول لوسائل الإعلام، وموجِّهات الفكر تحت الغطاء القانوني لمؤسسة فورد).
كما يقول (James Petras) أيضاً: (في الفترة الحالية تطرح واشنطن الموضوع على أنه (الإرهاب أو الديمقراطية)، تماماً كما كان الأمر خلال الحرب الباردة، (الشيوعية أو الديمقراطية) وفي كلتا الحالتين تقوم الإمبراطورية الأمريكية بتجنيد وتمويل منظمات واجهة لها، تضم: مثقفين وصحافيين، ومؤسسة فورد إحدى المؤسسات التي تتعاون مع الحكومة وتقوم بدورها في تشكيل الغطاء الثقافي في الحرب الباردة الجديدة).
3- مؤسسة روكفلر الأمريكية
مؤسسة روكفلر (Rockefeller Foundation) هي منظمة (خيرية) يقع مقرها في مدينة نيويورك الأمريكية، وقد تأسست على يد رجل الأعمال الأمريكي جون د.روكفلر في 14 مايو 1913م.
وهذه المؤسسة لها نشاطات بحثية متعددة في المنطقة العربية؛ حيث تقوم بدعم الباحثين والمراكز الفكرية والبحثية العربية، وهذه المؤسسة لا تختلف عن نظيرتها مؤسسة فورد من حيث علاقتُها بالمخابرات الأمريكية وقد وثَّقت هذه العلاقة الكاتبة البريطانية (فرانسيس ستونر سوندرز) في كتابها (الحرب الباردة الثقافية: المخابرات الأميركية وعالم الفنون والآداب). (صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 1999م بعنوان: «من الذي دفع للزمَّار»، ثم صدرت طبعة أميركية بعنوان: «الحرب الثقافية الباردة» عام 2000م، ثم قامت جمهورية مصر العربية بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية من خلال المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة في عام 2002م).
4- مركز جنيف للرقابة على القوات المسلحة
وهو مركز بحثيٌّ دولي له مشروعات بحثية مشتركة في العالم العربي، شديدة الحساسية والخطورة على الأمن القومي العربي، وهو: إما يقوم بتمويل تلك الأبحاث بصورة مباشرة، أو بصورة غير مباشرة عن طريق دعم المؤسسات الدولية للمشروعات البحثية في المنطقة العربية لصالحه وتأتي على رأس هذه المؤسسات الدولية الأممية، مؤسسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP.