لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم جملة من حقوق الطريق للجالس فيها، وهي على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إياكم والجلوس على الطرقات، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر, وكف الأذى, ورد السلام, وأمر بالمعروف, ونهي عن المنكر” رواه البخاري.
أما غض البصر فالأمر به يشترك فيه الرجال والنساء على حد سواء, والمقصود به غضُّه عما هو حرام, حيث أن اطلاقه يجلب عذاب القلب وألمه.
قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري” رواه مسلم, ومعنى نظر الفجأة: أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد.
وكف الأذى: أي عدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده..” رواه البخاري ومسلم.
ورد السلام: أي بعد إلقائه عليك، وهو واجب لقوله عليه الصلاة والسلام: “خمس تجب للمسلم على أخيه, رد السلام, وتشميت العاطس, وإجابة الدعوة, وعيادة المريض, واتباع الجنائز” رواه البخاري ومسلم.
وقد قصر في هذا الباب خلق كثير, واقتصر سلامهم على المعرفة, فمن عرفوه سالموا عليه أو ردوا عليه سلامه, ومن لم يعرفوه لم يعيروه اهتماما وهذا خُلقٌ مخالفة للسنة.
وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر: قال عمر رضي الله عنه: “من سره أن يكون من تلك الأمة -أي: قوله تعالى: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ”- فليؤد شرط الله فيها.
ومن لم يتصف بهذه الشعيرة العظيمة فله شبه من أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله تعالى: “كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ”.
إلا أنه ينبغي أن يعلم أن هذا الباب يقوم على فقه ودراية فيبنبغي الأمر بالمعروف بمعروف وينهى عن المنكر بلا منكر.