ابتلي الناس في زماننا هذا ببلية عظيمة أدت إلى اضطراب أمورهم, وتشتت جهودهم, وسوء أفعالهم, ألا وهي إسناد الأمور إلى غير أهلها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب, ويكذب فيها الصادق, ويؤتمن فيها الخائن, ويخوَّن فيها الأمين, وينطق فيها الرُّويْبـِضَة, قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة” (رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وغيرهم بإسناد صحيح كما في الصحيحة 1887).
قال السيوطي رحمه الله في معنى قوله: “سنوات خداعات” أي: “تكثر فيها الأمطار ويقل الربيع فذلك خدعها, أي: لأنها تطعمهم بالخير ثم تختلف, وقيل: الخدعة: القليلة المطر، من خدع الريف إذا جفّ” اتحاف ذي التشوق والحاجة 9/83.
وقال الشيخ محمد بن عبد الصمد كنون رحمه الله: “قوله الرويبضة بالتصغير، قيل: وما الرويبضة قال: الرجل التافه: الحقير قليل العقل, وهذا إخبار عن غيب قد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم” اتحاف ذي التشوق 9/83.
وقال ابن الأثير رحمه الله: “الرويبضة تصغير الرابضة, وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور, وقعد عن طلبها, وزيادة التاء للمبالغة, والتافه: هو الخسيس الحقير” النهاية في غريب الحديث 2/185.
وقد تحقق ما أخبر به نبينا عليه الصلاة والسلام في وقتنا هذا، وانتشر واستفحل، والله المستعان.
فها هم الرويبضة يحرفون أحكام الدين بدعوى الاجتهاد والنظر.
ويدعُون إلى الإباحية بدعوى المحافظة على حقوق الإنسان.
ويعملون على تذويب الشخصية المسلمة في الشخصية الغربية بدعوى الإنسانية والانفتاح.
ويهاجمون عظماء الأمة من الصحابة النجباء رضي الله عنهم, والفقهاء العلماء بدعوى النقد الحر.
وتجدهم يتباكون على مصير الأمة، يقولون في دين الله بلا علم ولا دراية ولا هداية, شعارهم التدليس وزادهم الجهل والتزوير, وديدنهم الكذب, يسعون جاهدين إلى تغيير الهوية المسلمة لهذه الأمة الإسلامية فشكوانا إلى الله رب البرية.