تلقينا ببالغ الأسى والحزن خبر تنظيم مظاهرة في فاتح ماي المنصرم بالعاصمة الرباط، لمساندة بشار الأسد، والوقوف بجانبه في وجه أعدائه، وهي سابقة خطيرة لم تسقط ببال مغربي حر يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم- رسولا.
عجيب أمر تلك الشرذمة المتخلفة التي تزعم أنها نخبة مثقفة واعية، فتنبري للهجوم على علماء المغرب حينما بينوا حال البوطي المتوفَّى ، وتخرج عن صمتها هذه المرة فتجند همجا رعاعا من الشباب العاطل المستلَب فكريا، المقهور ماديا، لتنظيم وقفة ينصرون فيها طاغية الشام ومصاصَ دماء الأطفال الرضع والنساء والشيوخ، والله إنها لجريمة نكراء يندى لها جبين المسلمين، ويسخط على فاعلها ربُّ العالمين، وتعجز عن التعبير عنها أقلامُ الكاتبين المخلصين.
فإنه إذا اجتمع التخلف في الشرع والفقر المذقع أمكنك أن تحشد مئاتِ المناصرين لليهود أنفسهم، وذلك بسكب دراهم معدودات على هؤلاء وتحفيظهم ما سيهتفون به وسط الملأ، واترك لهم الحبل على الغارب لينصروا الظلم، أو يقفوا في وجه الحق.
لا ندري حقيقة من وراء تنظيم مظاهرة مشبوهة تتكلم بلسان المغاربة الشرفاء الذين يحبون الإسلام والمسلمين في العالم كله، ولا يرضون طرفةَ عين بما يصيب إخواننا وأحبتنا في سوريا والعراق وفلسطين وبورما وغيرها من بلاد الإسلام.
لا نرضى بأن توضع لافتة عريضة مكتوب عليها “الشباب المغربي يناصرون الأسد..” وهم لا يمثلون إلا أنفسهم الدنيئة الشامتة في آلاف المسلمين الذين مزقت أشلاؤُهم وقضوا نحبهم، وآلاف -إن لم نقل ملايين- المضطهدين المشردين في بلدان عديدة من اللاجئين الفارين من إرهاب الأسد وزبانيته الملاعين.
أيُعقل -نحن المسلمين- أن يهزُل إيماننا وتندثر نخوتُنا وتتمزق أواصر أخوتنا إلى هذه الدرجة من الإسفاف والقذارة؟ أيعقل أن يأتي هؤلاء الأوغادُ المأجورون منعدمو الضمير والخلُق ليرفعوا رايات نصر الأسد وشبيحته باسم الشباب المغربي؟ أي عار هذا أصاب المسلمين؟ وأي ذل أخزاهم؟!
لا يحتاج حديثنا عن جُرم بشار وأعوانه المتعددين إلى براهين، فإنه كما قال الشاعر:
وليس يصح في الأذهان شيءٌ إذا احتاج النهار إلى دليلِ
وإنما حسبنا الله ونعم الوكيل أولا، ثم حسبنا ثانيا أن نلفت انتباه مؤيدي بشار السفاح النصيري الملحد إلى أنهم ارتكبوا خطأ فظيعا سيحاسبهم الله عليه إن لم يتوبوا من قريب؛ لأنهم يناصرون بنصرهم بشاراً إيرانَ المجوسية وذنبهم حسنا نصرَ الله، ويناصرون صمتَ المجتمع الدولي المنافق، وتقديمه رجلا وتأخيره أخرى في القضية السورية، ويناصرون الظلم بعينه، ويبينون عن أنهم انخدعوا بالمؤامرة الدولية للقضاء على السنة وأهلها في كل أنحاء العالم.
هذا وإن تعجب فعجب قولهم وهم يحملون قماشا عليه “مع سوريا وفلسطين ضد الصهاينة”: إنهم ضد اليهود ومؤامراتها ضد الأسد، وهو جهل مركب بما يجري في الساحة العالمية، يدل على أنهم مساقون من قِبَل أطراف مجرمة ماكرة، وهل صمود النظام السوري الغاشم وسط مباركة أمريكا وإعانة الصين وروسيا والأنظمة الغربية أمام الجيش السوري المجاهد إلا حفظٌ وكلأٌ للصهاينة المجاورين الذين ترتعد فرائصهم من فوز المجاهدين الأحرار وسقوط خادمهم المخلص بشار؟
ألا يقرأ هؤلاء تاريخ أسرة الإجرام الدموية التي انحدر منها كلبٌ عقورٌ اسمه بشارٌ؟
ألم يشاهدوا -واليوتيوب طافح بالفضائح الأسدية- المجازر اليومية والمذابح المتتالية على المواطنين السوريين الأبرياء من كل حدب وصوب؟
أم أن الأطفال الرضع والصغار والنساء الذين تقطع أوصالهم وتدك منازلهم من فوقهم هم وهابيون ظلاميون كما يزعم أصحابُ هذه المظاهرة السفيهة المخالفة للشرع والعرف والمروءة؟
ألم يُرَ تكالبُ الشيعة الروافض الأنجاس على أهل السنة دون مواربة أو تقية، وتدخلهم السافر السافل في الشأن السوري، وتواطؤهم مع الطاغية للقضاء على الثورة المباركة التي خوفت العالم بأسره؟
ألم تسمعوا تصريحات نصر اللات بوجوب مناصرة الأسد إلى آخر رمق، بحشر آلاف المقاتلين المأجورين بالدولار إلى الأراضي السورية لإيقاف زحف الجيش السوري الحر الأبي؟
أسئلة كثيرة تُطرح بعد هذه المظاهرة المشوهة للمغاربة الأشاوس المناهضين لكل ظلم، أسئلة طرحها كثير من المعلقين على مظاهرة العار لنصرة بشار، كسؤالهم عن ممول هذه الوقفة الجائرة ومسيريها والمصادقين لهم عليها، ومقدار المال الذي قُدم للشباب العاطل ليصرخ ويصدع بباطل لا يفهم منه إلا 100 درهم حسب رأي بعض المعلقين، ولماذا اختير فاتح ماي بعينه لخروج المظاهرة..؟
وقد تلقفت القناة السورية المنافقة خبرَ المظاهرة بكامل الفرح والبهجة، وبثت بعض مقاطعها المسجلة، وأكدت بناء عليها أن المغرب يدل كعادته على وفاء عميق للعلاقة بين البلدين، وأنه يقف بجانب النظام السوري في وجه الإرهاب والتطرف، ويعي بالمؤامرة التي تُحاكُ ضد رمز العروبة والحرية ببلاد الشام.
ونحن نبرأ إلى الله تعالى من هذه الوقفة البغيضة، كيلا تصلنا لعناتُ ودعواتُ المظلومين من إخواننا، من الذين فقدوا فلذات أكبادهم بالتقتيل والاغتصاب والشنق والسحل، أو دعوات النازحين الهاربين من سطوة المجرم النصيري، التاركين لمنازلهم ومتاعهم، والمكدسين في مخيمات ضاقت بأعدادهم الوافرة.
كما نبرأ إلى الله من مظاهرة تقف بجانب من يقول له جنوده: لا إله إلا بشار، بجانب نصيري زنديق، يظهر حب آل البيت ويبطن الكفر الصريح والكيد لأهل السنة والولاء لإيران.
فلينظر بعين الإنصاف والإيمان هؤلاء الذين رفعوا رايات زعموا فيها أنهم مع سوريا وفلسطين ضد اليهود الصهاينة ليتبين لهم أنهم استُخدِموا لأغراض تصب في الأخير في صالح الماسونية الصهيونية العالمية. ولا حول ولا قوة إلا بالله.