إن للكلمة السامية والشعر الصادق الرفيع أبلغ الأثر في الرقي بالفرد المسلم وشحذ همته وعزيمته ليخدم دينه ومعتقده.
وإن للأديب المسلم مهمة عظيمة ورسالة سامية يحملها ليقدمها لأبناء جيله، فهو يدرك أنه أمين على تقديم هذه الرسالة للناس كافة، فقلبه تلألأت فيه معالم المنهج الإسلامي، وتسامت فيه رغبة هداية البشر، والأمل في إصلاح الأمة والإسهام في نصرة دين الله. فهو متأثر ببيان القرآن وإعجازه، وبلاغة الكلمة النبوية، وسحرها الذي تميز بالوضوح والجزالة والإيجاز، وبرئ من التقعر والتفيهق والإغراب، فأدبه أدب رفيع، قد حلاَّه بالمشاعر الصادقة، والمعاني السامية، والأخلاق الفاضلة، ونزهه عن كل معاني السفالة والسفاهة والانحطاط.
إن الأمة في أمس الحاجة إلى هؤلاء الأدباء الذين يجعلون أدبهم رسالة للدعوة الإسلامية الصادقة، وسبيلا لاستنهاض الهمم، وتقوية العزائم، وتوعية الناشئة، وتصحيح المفاهيم، ومحاربة الأفكار والمبادئ الهدامة، خصوصا في هذا الوقت الذي نبتت فيه نابتة من المشبوهين والمدسوسين، يُبرزون فيه كل ما شذ من الأدب قديماً وحديثاً، فيلمّعون أدب الشهوة والجنس باسم الواقعية، ويشيدون بالتمرد والشذوذ عن العقائد والأخلاق باسم التطور والتجديد، وإذا ما نبغ شاعر أو كاتب يسب عقيدة الأمة ويتطاول على مقدساتها، ويتبرأ من تاريخها، ويقذف قيمها وتراثها، وينسلخ عن أهدافها، فهو الأديب الكبير، والناقد النحرير، وصاحب العقل المستنير، الذي يحوز قصب السبق في النوادي والتجمعات، واللقاءات والمؤتمرات، وتفتح له صدور الصحف والمجلات، وتتسابق فيما بينها للظفر منه بالتحليلات والمقابلات.
إن الأدب البناء له هدف وله قضية وله فكرة، أَسَّسَ قواعده على قيم ومبادئ، فهو داع إليها، ساع في تحقيقها. والأدباء الملتزمون ينبغي أن يكونوا كما وصفهم أحد الدعاة: “كُتّاباً مؤمنين.. ملكتهم فكرة أو عقيدة، أو يكتبون لأنفسهم أو إجابة لنداء ضميرهم وعقيدتهم، مندفعين منبعثين، فتشتعل مواهبهم ويفيض خاطرهم، ويتحرق قلبهم، فتنثال عليهم المعاني، وتُطاوعهم الألفاظ، وتؤثر كتابتهم في نفوس قرائها، لأنها خرجت من قلب فلا تستقر إلا في قلب”.